النسيان… حين تكون الرحمة في طيّات النسيان

سويعد الصبحي
النسيان… حين تكون الرحمة في طيّات النسيان
في رحلة الحياة لا أحد ينجو من الخسارة.
نفقد أحبابًا نخسر أصدقاءً نودع علاقات ظننا أنها ستبقى للأبد.
كل فقدٍ يترك أثرًا وكل وداع يحمل في طياته وجعًا لا يُرى لكنه يُحس بكل خلية من خلايا القلب.
في لحظات الألم الأولى يبدو كل شيء مظلمًا كأن الحياة انقلبت فجأة وكأن الألوان انسحبت من اللوحة التي كنا نرسمها بكل حب.
من أقسى أنواع الفقد أن تفقد صديقًا مقرّبًا شخصًا كان جزءًا من يومك من ضحكتك من همومك الصغيرة وتفاصيلك البسيطة.
حين تختفي تلك الروح من حياتك تشعر كأن قطعة من قلبك قد انتُزعت وتصبح الذكريات خناجر تطعن كل محاولة للنسيان.
تظل تتساءل: لماذا حدث هذا؟ كيف تخلّى عني؟ كيف مضى وكأن شيئًا لم يكن؟
وفي خضم هذه التساؤلات تظهر الحياة على حقيقتها القاسية: مليئة بالتحولات لا تضمن ثبات أحد ولا تعطي وعودًا بالبقاء.
تمر الأيام ثقيلة وتحمل في طياتها ألم الذكرى ومرارة الوحدة ويبدو المستقبل ضبابيًا بلا ملامح.
تعيش في نفق من الحزن حيث لا ترى إلا الخسارة ولا تشعر إلا بالخذلان.
لكن الله بلطفه زرع فينا نعمة عظيمة غالبًا ما نغفل عنها: نعمة النسيان.
النسيان ليس خيانة للذكرى ولا تنكرًا لما مضى بل هو آلية بقاء، طريق للنجاة ورحلة للشفاء.
مع مرور الوقت تبدأ ملامح الحزن بالتلاشي.
لا تختفي الذكرى تمامًا لكنها تفقد حدّتها وتصبح أهدأً أقل وجعًا أكثر لطفًا.
تبدأ الحياة في استعادة ألوانها شيئًا فشيئًا.
تضحك من جديد تلتقي بأشخاص جدد تمضي في دربك تكتشف مواطن جمال لم تكن تراها حين كنت غارقًا في حزنك.
وتدرك حينها أن كل شيء كان جزءًا من خطة أكبر وأن الفقد لم يكن نهاية بل بداية جديدة بطريقة أخرى.
النسيان لا يعني محو الشخص من القلب بل يعني أن نتوقف عن النزف في كل مرة نتذكره.
أن نستطيع أن نذكره دون أن ننهار أن نبتسم حين نتذكر اللحظات الجميلة لا أن نحزن على رحيلها.
هو أن نُشفى أن نتحرر أن نمنح أنفسنا فرصة للحياة من جديد.
وهكذا تصبح نعمة النسيان رحمة خفية تُعيد تشكيل القلب بعد انكساره وتمنحنا القوة لنسير نحو القادم بروح متجددة.
ومع الوقت قد تتمنى لو تملك الدنيا وما فيها لا طمعًا فيها، بل لتملأ حياتك بما يستحق، ولتمنح نفسك الفرح الذي تستحقه.
فالنسيان كما قيل يومًا ليس موتًا للذاكرة بل حياة جديدة للروح.
خاتمة:
في خضم تجاربنا المؤلمة لا بد أن نثق بأن الألم لن يدوم وأن النسيان سيأتي حتمًا سيأتي ليحمل معه راحة ما وشمسًا جديدة تشرق بعد العاصفة.
فالحياة لا تتوقف على أحد لكنها دومًا تمنحنا فرصًا لنبدأ من جديد.
كاتب رأي وإعلامي
ابدعت أ. سويعد فالنسيان يعتبر نعمة كبيرة قد نتجاهلها او ان البعض لا يعلم انها علاج رباني ومسح من الله على القلوب الحزينة ليعيد لها حياتها الطبيعية من غير الم..
👍👍👍👍