رؤية السعودية 2030 ومقاربات الصريصري

رؤية السعودية 2030 ومقاربات الصريصري
مشعل الحارثي
وخير الهدايا الكتب حقيقة تبعث في النفس السعادة والحبور لأولئك الشغوفين بالثقافة وعشاق القراءة، عندما تقدم لهم مثل هذه الاطباق الفكرية الشهية، وقد وجدت نفسي اتمثل قيمة هذه العبارة وحقيقتها عندما تفضل مشكوراً الزميل والصديق العزيز الدكتور دخيل الله بن حمد الصريصري الجهني بإهدائي نسخة من كتابة الجديد (السعودية ورؤية 2030 – مقاربات تنموية وتحولات معرفية)،وفيه ذهب عن خبرة وتجربة تعليمية وثقافة ووعي وتأهيل أكاديمي ينقب في أحد جوانب هذه الرؤية، ويلخصها لنا برؤية مختلفة وتحليل واقعي وبأسلوب غاية في الروعة والسهولة والسلاسة.
وفي هذا الكتاب يمضي بنا المؤلف من خلال محورين رئيسيين الأول يتعلق بأهمية وجود قيادة ذات رؤية واضحة تملك قدرة استشرافية للمستقبل وتمتلك طموح وتحد وثقة تامة، وتعتمد بعد توفيق الله على انسان هذه البلاد الذي تعده دوماً وابداً يمثل الركيزة الأساسية للنهوض والبناء التنموي ، والتي يحددها حسب رؤيتة بقوله : حين نتحدث عن التحول نحو مجتمع المعرفة فنحن لا نصف مساراً تقنياً فقط، بل نصف تحولاً معرفياً ومجتمعياً عميقاً، يكون فيه القائد هو المهندس الأول لهذا الانتقال حيث تعد القيادة الحديثة حجر الزاوية في تنفيذ رؤية 2030، بما تحمله من أبعاد اقتصادية ،اجتماعية وتقنية تجعل من المعرفة والابداع محوراً للتنمية لا مكملاً لها، بل أصبحت أداة استراتيجية لإعادة بناء الدولة وفق رؤية جديدة ومنظور أكثر شمولاً .
وكنتيجة لهذه القيادة الملهمة فهو يشير الى انه في الوقت الذي كان البعض يظن أن إطلاق تلك الرؤية مجرد حلم يصعب تحقيقه، فما حصدته من إنجازات ملموسة وهي لم تكمل دورتها المطلوبة أصبحت حقيقة واقعة بفضل القيادة الحكيمة والعزيمة الصادقة والنوايا الحسنة وتضافر الجهود مع الإيمان اليقيني بأن مستقبل العباد والبلاد لن يكون الا بالعلم والتعلم الحديث وارتياد افاق المعرفة الواسعة والتكنولوجيا، ونكران الذات والعمل بجد وإخلاص وثبات دائم على المبادئ والقيم الإنسانية والحضارية السامية.
وفي المحور الاخر الذي يمثل الجزء الأكبر من الكتاب يناقش المؤلف (المعرفة) التي تمثل رأس المال الفكري والقيمة المضافة المرتكزة على لغة العصر الحديث (العالم الرقمي) وأهم مكوناته وابعاده المختلفة، ويبحث فيه بعمق هذه المعاني والمفاهيم متغلغلاً في ادق تفاصيلها وجزئياتها وصولاً لتحقيق اقتصاد المعرفة والميزة التنافسية، وبعد ظهور ما يعرف بالاقتصاد القائم على المعرفة، الذي حول المعرفة إلى سلعة تجارية تباع وتشترى، وتقدر قيمتها اليوم بالمليارات.
ومن خلال هذين المحورين يحلق بنا الدكتور دخيل الله الصريصري في كتابه الذي جاء في (192) صفحة من القطع العادي متضمناً خمسة فصول رئيسية، ضم كل فصل عدد من الأقسام والعناوين الفرعية، وسبقها بالتعريج الموجز على عدد من الدراسات السابقة التي منحته الدافعية لبلورة أفكاره وخروجها في هذا التسلسل المنطقي والمترابط لرؤية المملكة 2030. ففي الفصل الأول تناول موضوع القيادة المؤثرة في ظل التحديات المعرفية في المملكة وأشتمل على العديد من العناوين الفرعية ومنها القيادة ومجتمع المعرفة، والقيادة التقليدية والفاعلة، والقيادة الاستشرافية لتنفيذ رؤية 2030، والقيادة السعودية كنموذج في توجيه التحولات المعرفية ومسيرة البناء الحضاري.
وفي الفصل الثاني تناول التحول التقني في المملكة، وفي الفصل الثالث الذكاء الاصطناعي والتعليم الآلي، وتحدث في الفصل الرابع عن الابتكار ومجالات الامن السيبرانيومن خلال قاعدتين رئيسيين الأولى تتعلق بالأمن السيبرانيومحدداته واتجاهاته المستقبلية، والثانية تتعلق بالاقتصاد الرقمي وتوجهاته ومستقبله في المملكة العربية السعودية، فيما خصص الفصل الخامس لمناقشة سد الفجوة الرقمية موضحاً أبعاد هه الفجوة والاثار الناجمة عنها ودور المملكة على الصعيدين المحلي والعالمي في هذا المجال.
ويختتم المؤلف كتابة بمجموعة من التوصيات قسمها الى قسمين الأولى منها تتعلق بتوصيات عامة وأخرى أكاديمية وليؤكد في الختام أن ولوج عالم الغد بكل أبعاده وتحدياته يتطلب حضوراً نوعياً ومشاركة إيجابية وفاعلة على كل المستويات، ويتطلب ترسيخ روح الابتكار وتجذير المهارات الإبداعية في المناهج التعليمية، وتأصيل فكرة الاختراع ، وتبيان أهميتها في تقدم وتطور الأمم، الى جانب ترسيخ وترسية الاستخدام المتقدم لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في البيئة التعليمية ، وبحكم أن الشباب هم الجزء الأكبر من المستقبل ومصدر الأمل والعزيمة ومواجهة التحديات وتحقيق الأهداف السامية للقيادة الرشيدة التي تسعى دوماً لان تتوجه اليه تكويناً وتحفيزاً من أجل ضمان مشاركته الفاعلة في التنمية الشاملة وبناء جيل مفكر ناقد مبدع قادر على الاندماج مع روح العصر الرقمي وتجاوز كل التحديات المجتمعية ليكون في صدارة المشهد العالمي .
كاتب رأي




مقال رائع ومن كاتب مبدع
جعلني في لهفه لإقتناء الكتاب عن الرؤية الغاليه 2030 ومقاربات الصريصري