كُتاب الرأي

دوائر التأثير

 

تبقى الاحتياجات الضرورية وتوفيرها في الحياة هي الدافع وراء الركض في ميادينها المختلفة . ومحاولة البذل والعطاء في سبيل سد جميع الضروريات ، والإنسان بفطرته مدفوع إلى السعي في الأرض والإهتمام بشؤون حياته وتوفير كل ما يغنيه .

توفير الضرورات كما قدمنا مجبول عليه البشر وغيرهم من الكائنات الحية التي تسعى في الأرض لجمع قوتها وقوت من تعول والحرص على الحياة الكريمة في خريطة حياة الإنسان مطلب إنساني وفطري . والأصل في ذلك أن البشر جميعاً لا يحتاجون إلى التذكير بهذه الشؤون الحياتية .

وكما أنه من أوجب الواجبات على البشر هو توفير احتياجاتهم والإهتمام بشؤونهم والسعي للوصول إلى الكفاية والإشباع في كل الاحتياجات والضرورات فإن من الناس من يكون كذلك حقاً ، وبعضهم يتشاغل بما لا ينفعه بل ربما ما يضره في وقته وماله وحياته.

إن اهتمام البشر بدوائر تأثيرهم وما تظهر فيه قوتهم وصلاحيتهم أمر محمود مطلوب وهو الذي يسألون عنه وهو بيت القصيد من الأربع والعشرين ساعة التي تمر بهم في اليوم والليلة ، فالتركيز على ما ينفع وما يعود على الفرد بالنفع واجب ديني فطري عقلي اجتماعي إنساني.

دائرة التأثير في زواياها المختلفة في المحافظة على الصحة في زيادة الوعي في زيادة الدخل في الرقي بالحياة الكريمة وأن تكون اليد العليا في كل شيء هو الحق المبين والطريق القويم والسعادة التي تسعى إليها وتبذل من وقتك وقوتك للحصول عليها .

قد يتأخر المرء في اكتشاف نقاط قوته وما يتمتع به وقد يوظف ما لديه في نوافل الأعمال والأقوال ويترك أوجب الواجبات عليه ظناً منه أن الأمر يسير ويمكن أن يعيش بهذه الصورة والطريقة وهكذا الحياة …لا ليست هكذا الحياة الإنسان في طول الأرض وعرضها مسؤول مسؤولية كبرى عن توفير احتياجات حياته من المآكل والمشارب والمساكن والمراكب وهو مسؤول عن من يعول وأن يجتهد بكل ما يملك من طاقات وقدرات أن يصنع جنته في الدنيا قبل الدخول إليها في الآخرة .

إن تركيز الإنسان على جوانب ومجالات تأثيره وتخصصه وما يفهم فيه فهماً عميقاً هو سبيل مجده ورفعته وربما كان ذلك تميزاً دون سواه من الناس ، وهو المهيأ من الخلق لهذا العمل والواجب ولهذه المهام والمسؤوليات التي في الظن أن يقوم بها خير قيام .

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير إحرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز …) فالحرص ما ينفع الإنسان في الدنيا والآخرة هذا الذي عليك أن تدين الله تعالى به ، وأنت المسؤول عنه يوم القيامة بين يدي الله تعالى . والإستعانة بالله تعالى في العون على العمل والتوفيق فيه والسداد عليه ، والوصول بالعمل إلى أعلى درجات الكمال والإتقان هو واجب ديني وشرعي وفطري وإنساني .

الملاحظ في حياة الناس جميعاً أن الأشياء الصغيرة التي يتقنونها ويحسنون التصرف والعمل فيها ولهم فيها قوة المهارة والتعديل والتحسين هي التي ترفع أسماءهم بين الناس وربما كانت سببا في ثرائهم وشهرتهم بين الخلق ،
وكم عرف الناس من أصحاب صنعة صغيرة أهتموا بها فأصبح لهم شأن عظيم ولنا في المهتمين بالتقنية وقنوات التواصل والاختراعات والإكتشافات كيف صنعتهم وأدت إلى شهرة الكثير منهم .

إن دوائر التأثير التي تحيط بالإنسان إبتداء بما يملك من طاقات وقدرات ومهارات ومواهب وملكات ، ودائرة العمل الذي يحسنه ، ودائرة العلاقات الاجتماعية الطيبة مع أهله وذويه، هي التي ينتظر منه الوصول بها إلى التميز والإبداع. وترك بصمة على الدنيا من خلالها .

لذا علينا الإهتمام والتركيز على ما نحسن وننتقن وما نملك من القدرات فيه والتأثير فيه ونعمل على التطوير والتحسين والعمل الجاد فيه، وعلينا أن ننظر إلى منازلنا بعد زمن ، فسوف ننتقل من حال إلى أحسن حال منها بإذن الله تعالى.

متى ما ركز الإنسان على طاقاته وقدراته ومواهبه وما منحه الله تعالى من تلك المزايا والصفات عن سائر الناس ،
فالتركز والتدرب كثيراً سوف يجني الثمار رضا الله تعالى في الدنيا ثم الخير والفضل والنعمة والسعادة.

وقد صدق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله : (قيمتك يا عبد الله ما تحسن بين الناس ) .

المصلح والمستشار الأسري
د. سالم بن رزيق بن عوض .

د. سالم بن رزيق بن عوض

أديب وكاتب رأي وشاعر ومصلح ومستشار أسري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى