خلع الطاعة ومفارقة الجماعة وأثرها على الفرد والمجتمع

قد لا يروق هذا العنوان للبعض ، ونعتقد أنه قد يكون مثار سخط عند آخرين ، ولا سيما من يبدون التذمر والتأفف لمّا يُطلب منهم المضي على نهج السلف الصالح ، ويصيبهم الداء وتستشري فيهم العلة وتصيب قلوبهم الحسرة، وتمرض أنفسهم ليس لشيء سوى أنهم يرغبون أن يكونوا عابثين لاهين في هذه الدنيا لا يحكمهم حاكم ، ولا يردعهم رادع ، يعجبهم الانفلات ، ويفرحهم التفرق ، ويرفع معنوياتهم التشرذم ، والانقسام. لكن هذا لن يغير في الأمر شيء ، مهما حاول المغرضون ، واستمات المبغضون ، وعمل الخارجون على القانون كل ما في وسعهم أن يشتتوا الانتباه ، ويفرقوا الجماعة سيبقى الفشل بانتظارهم ، والسقوط حليفهم.
إن الأمم تتقدم بالثبات على المنهج ، وتتشوه حين يتخلى أفرادها عن الطاعة ، ويركبون موجة التمرد ، ويدعون للانفلات ، والتفكك، ما ينذر بهدم القيم ، والحضارات.
لو سئلتُ يومًا ما الذي يميز الأمم المتحضرة، ويجعلهم منطلقين في حياتهم لأجبتُ فورًا بعبارة : الثبات على المنهج.
حين تسير الأمم على منهج ثابت ، وعمل واضح ، وشريعة موثوقة ستجد النجاح حليف أفرادها ، أما حين تتخلى عن هذا النهج فاعلم أن السقوط سيكون مدويًّا ،والضياع عنوانًا.
لن نكون كلنا قادة وإلا غرقت السفينة ، من غير المعقول أن نصبح كلنا زعماء ، لن نكون كلنا رؤساء وإلا تشتت الرأي ، وتدمرت الحياة.يجب أن نفهم هذا الشيء.
هذه الحياة ليست لعبة أو مركبة يبتاعها الإنسان متى أراد ذلك ،ويبيعها أو يتلفها متى يحلو له.
الحياة تنظيم كوني قائم على أسس وواجبات يشترط على الإنسان احترام هذا النظام ، وأهم عنصر من عناصر النظام الكوني هو الطاعة.
فالطاعة واحدة من أهم المنطلقات الضرورية حتى تستقيم شؤون الناس ، ومن غير الطاعة لن تجد القاضي ، والمعلم ، والطبيب ، والمهندس ، والعامل ، والبائع ، والحائك ، ولن تجد الصناعات ، ولا دور العلم ، ولا المساجد، ولا الجامعات.
لن تجد حتى خبازًايصنع و يقدم لك الرغيف ساخنًا ، ستضيع الدنيا بأكملها إن لم تحضر الطاعة ويستجيب الإنسان لصوت العقل والمنطق ، ويستمع لصوت الحكمة ، وينصت لنداء الاعتدال والوسطية ، والامتثال للتوجيهات والإذعان للتعليمات ، والالتزام بمبدأ البقاء في دائرة الجماعة وعدم مخالفتها ، هكذا دعا ديننا الحنيف ، وتعلمنا في المدارس مستندين في ذلك على أسس ثابتة أعلاها شأنًا وأوفرها حظًّا مقتضيات لزوم الجماعة.
إن لزوم الجماعة واجب على كل مسلم يدرك ما يجب عليه فعله ، وما ينبغي عليه القيام به. نعم بهذه الصورة تعلمنا وبتلك المقتضيات عملنا، هذه أوامر أمرنا بها الدين القويم ، والقرآن الكريم ، والهدي النبوي الشريف
قال تعالى(( وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا فتذهب ريحكم، واصبروا إن الله مع الصابرين))
إنه القرآن الكريم يحثنا على ألا نتنازع وإن تنازعنا حلت الفرقة، وضاعت القوة ، ووقعت الغلبة والمسكنة والذل والهوان، وفوق هذا وذاك تأتي الآية الكريمة تنهى عن المخالفة للأوامر وتأمر بالصبر.
إنها منطلقات تتماهى في التفسير والتوضيح ، وتحث على لزوم الجماعة وعدم مفارقتها ، وأهمها طاعة الله فيما أمر وطاعة الرسول فيما نهى عنه وزجر ، وطاعة ولي الأمر فيما حكم وقرًر
قال تعالى ((وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم… الآية))
وإذ نحن كذلك في الحديث عن الطاعة ، ولزوم وجوب الجماعة ، وعدم مخالفة ولاة الأمر فيما أوصوا به وأوكلوا به ؛ فإنه من الأحرى اتباعهم والوقوف إلى جانبهم ، ومعاونتهم ، وعدم التخلي عنهم مهما كانت الأسباب ، ومبايعتهم على السمع والطاعة في المنشط والمكره فلزوم طاعتهم قد قرنه الله بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم.
قال رسول الله صلى الله عليه سلم(( من خلع يدًا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له،ومن مات ليس في عنقه بيعة مات ميتة الجاهلية))
إن البيعة في الإسلام واحدة وهي لولي الأمر وما سواها وخلافها تعد ضلال مبين وشر سافر، وقد شهد التاريخ كثيرًا على أسباب تمزق الأمم ونكوصها وهوانها وتشرذم أمرها كل ذلك لأنهم تخلوا عن ولاة أمرهم وضاع بأسهم ، وانكسرت شوكتهم.
ونحن في المملكة العربية السعودية ، نعيش هذه الأيام ذكرى عظيمة ، ذكرى تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود مقاليد الحكم ، فإننا نجدد الولاء والطاعة ، لقادتنا ، وحكامنا ، في السراء والضراء ، معاهدين ومبايعين على النهج القويم داعين لوحدة الصف ، والتئام الشمل ، والتكاتف حول القيادة الرشيدة سائلين الله أن يديم الأمن والأمان والرخاء والتقدم والإزدهار على هذا البلد العظيم إنه القادر على ذلك وهو الهادي المبين.
انتهى
علي بن عيضة المالكي.
كاتب رأي
لافض فوك ولاغاب فكرك وبارك الله في وطنيتك وعلمك
موضوع حساس مهم جداً جداً وكلمات لاتصدر إلا ممن تشّرب حُب الوطن وتأسس على قيم عالية ومبادىء راسخة ثابتة.. وليس بغريب الإبداع عن قلم الكاتب علي المالكي👍
صدقت قولاً وأصبت وصفاً وأجدت طرحاً. 👍
👍👍👍👍👍👍