كلمات سامّة

ربما يتهاون بعض الناس فيما يجري على لسانه من العبارات والجمل والكلمات الصغيرة أو الكبيرة ، الحار منها والبارد والضعيف منها والقوي والقريب منها والبعيد فيكثر ترديدها فيما يراه من الخير والشر والظاهر والباطن والسلم والحرب واليقظة والنوم والسفر والإقامة وهو يشعر أو لا يشعر يدري أو لا يدري أن تلك الكلمات التي تخرج من فيه فيها من الآثار السلبية على النفوس البشرية والأرواح الآدميّة المطمئنة العميق والعريض .
إن تهاون الآباء والأمهات في ضبط ألسنتهم أمام أولادهم وخصوصاً عند الغضب والحنق في السباب واللعن والشتم وكذلك عند الحديث عن الناس بالغيبة والنميمة والتشهير والتعيير لهو التحفيز السلبي الحقيقي لهم في تعلم هذه العادات والتقاليد المذمومة والسلبية السيئة والتي لها أكبر الأثر في سلوكهم اللفظي واضطراب مشاعرهم وأحاسيسهم تجاه من يختلفون معه من الناس.
إن الإنسان بطبيعته يمتلك القدرات والطاقات العالية في تعلم الفضائل والأخلاق الرفيعة العالية كلها ولديه الإستعداد الكامل في التعامل مع جميع الرذائل والتعود عليها وممارستها بل والدعوة إليها ، هكذا الإنسان لديه الإستعداد الفطري في التعليم والتشكيل والتكوين والتنشئة والتربية.
واللسان ذلك العضو الهام والمهم في بني آدم والذي يستطيع أن يزرع مساحات ومسافات من مزارع الخير والفضل والود والمحبة والرأفة
والسلامة والعافية والسكينة والإحسان والعطاء والبذل والتضحية والإيجابية والإخاء والتعاون والتفاؤل ويستطيع كذلك أن يغرس
الأشواك والضريع والحنضل والشر والحقد والبغض والكره والحفر والمطبات في مساحات ومسافات تكون مؤلمة ومبكية..
وإن السامع ليسمع طبيعة الألفاظ والكلمات والعبارات التي تنتشر بين الناس ومستوى تلك الكلمات والعبارات ومدى أثرها وتأثيرها بين جموع الشباب والشابات والرجال والنساء والأطفال سلباً أم إيجاباً تشجيعاً وتحفيزاً أم تأخراً وألماً مريراً ، برداً وسلاماً أم مرضاً وفصاماً !
ولما كانت للكلمات والعبارات والألفاظ ذلك الأثر الكبير على القائل والسامع والناقل والرائي إيجاباً أو سلباً ! إقداماً وتأخراً ! شجاعةً أو خوفاً !وما لها من تكوين القناعات والمبادئ لديه كان لزاماً على العاقل الكيس الفطن اللبيب أن يقف مع الألفاظ والكلمات المقولة ويعمل على تحكيمها وتقييمها ما بين فترة وأخرى ومن ذلك :
أولاً : الكلمات الإيجابية التفاؤلية:
وهذه العبارات أو الكلمات أو الألفاظ العالية والرفيعة في الخير والمعروف والإيجابية والتفاؤل وهي تصدر من مضانها ومن أهلها وأرباب الفضل والكرم والتربية والتعليم والخلق النبيل كالمديح والثناء والشكر والإمتنان والحب والمحبة والسرور .
هذا الأصل في كلام جميع الآباء والأمهات والمربين والمربيات بل حقيقة جميع الناس ، فالعبارات والكلمات التي تصدر من القلوب تصل إلى قلوب السامعين ولها الأثر الكبير في التنشئة والتربية.
ثانياً: الكلمات الطبيعية العادية :
وهذه العبارات والكلمات والألفاظ التي تصدر من جميع الناس الطيبين الطاهرين أصحاب النوايا الحسنة والفهم والإدراك الطبيعي وهو غالب كلام الناس في كل قطر ومصر وفي كل زمان ومكان والباقي على فطرته السليمة.
كالشكر والثناء والتقدير والإحترام والمدح من أكثر الناس .
ثالثاً: الكلمات السامة السلبية :
وهذه الكلمات والعبارات والألفاظ التي تصدر من أفئدة وصدور وتجري على ألسنة تفعل فعل السموم في أنفس وأجسام السامعين لها ، والذين يستقبلون تلك العبارات والكلمات والألفاظ ؛ ويحتاج أصحابها إلى التذكير بربهم تبارك وتعالى ثم بهدي نبيهم صلى الله عليه وسلم.
من حيث :
كيف كان رؤوفاً رحيماً بالناس أجمعين ؟
كيف كان يختار المفردات والعبارات الجميلة؟
كيف كان يؤثر صلى الله عليه وسلم في الناس بكلامه ؟
كيف كان يتحدث مع الناس فيذكر أجمل وأفضل ما فيهم ؟
رابعاً: أحد الفضلاء يقول ربيت أولادي جميعاً على صياغة وصناعة الكلمات الصادقة الطيبة الجميلة لكنهم لما ألتحقوا بالتعليم في المراحل المختلفة أمتلأؤوا بالكلمات والألفاظ السامة البذيئة.
بل أصبح بعضهم يرددها أمام إخوته وأخواته .
إن كذب الأقوال والأفعال بأشكالها وألوانها من حيث الخبث يكون من الكلمات الخبيثة السامة التي على الأكياس الفطناء أن يحذروا منه .
إن الغيبة والنميمة والسباب والشتائم من الكلمات الخبيثة والسامة .
إن الحديث عن الهموم والغموم والآلام والأحزان والبسط فيها ثم نشرها في المجالس والمحافل وعبر قنوات التواصلالإجتماعي ؛ من الكلمات السامة.
إن الترويج بنشر القبائح والرذائل ودعمها من الكلمات السامة .
إن جلد الآخرين بالكلمات القاسية والنابية والمهينة لهم من الكلمات السامة .
إن استطالت النساء في أعراض الرجال ؛ واستطال الرجال في أعراض النساء باللسان من الكلام السام الذي يجب أن ينتهوا ويقفوا عنه .
إن تفكه المعلمون على الإدارة ؛ والإدارة على المعلمين ، والموظفون والموظفات على الإدارة ؛ والإدارة على الموظفين لهو من أعلى درجات السموم الكلامية المضرة.
لذا كان على الكيس الفطن اللبيب الترفع عن ذلك كله .
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ) ..
المصلح والمستشار الأسري
د.. سالم بن رزيق بن عوض .