كُتاب الرأي

حين يُخبز الحب

حين يُخبز الحب

✍️ سلوى راشد الجهني 

في بداية العلاقة، نعيش لحظة انبهار… كأننا نقف أمام كعكة مزينة ببراعة، تخطف البصر وتُغري بالتذوق.
لكننا لا نعلم بعد عن مكوناتها، ولا عن الوقت الذي استغرقته في التحضير، ولا عن النكهة التي قد تُفاجئنا… سلبًا أو إيجابًا.

تمامًا كالحياة الزوجية…

قبل الزواج، نحن نخلط المقادير دون قياس: بعض حب، بعض إعجاب، قليل من المجاملات، ونُضيف كثيرًا من التوقعات.
نجهل أحيانًا المكونات الحقيقية للطرف الآخر… نرى شكله، نُعجب بحضوره، ننسج أحلامًا من الصور، ونقول بثقة: “لقد وجدتُ نصف روحي.”

ثم، يبدأ “الفرن”…

يدخل هذا المزيج في اختبار الزمن. في حرارة المسؤوليات، وضغط التفاصيل، واحتكاك الطباع، تبدأ المكونات في التفاعل.
تبدأ روائح العلاقة بالظهور… إما عطرة دافئة تبشّر بخبز ناضج، أو مشوشة تنذر بزيادة ملحٍ أو احتراق جانبٍ من العجين.

الحب لا يَظهر في الخطوبة، بل بعد أول خلاف.
الاحترام لا يُقاس بالهدايا، بل بطريقة حل النزاع.
السكينة لا تُولد من أول أسبوع… بل تُخبَز على نار الوقت، بالرحمة والصبر والمراجعة.
في وصفة الزواج، لا تكفي الرغبة في الطهي… لا بد من:

ميزان يزن المشاعر بتعقّل.

وعي يضبط حرارة ردود الفعل.

نية صافية تجعل العطاء بلا شرط، والصفح بلا عدد.

ليس المهم أن تكون الكعكة جميلة… بل أن تكون صالحة للأكل.
ليس المهم أن يكون الزواج فاخر الشكل… بل أن يكون نافع الروح، دافئ الشعور، مملوءًا بالإيناس لا الإنهاك.

✨ ومضة

> “الزواج ليس أن تجد الشخص المناسب فحسب، بل أن تصبح أنت أيضًا الشخص المناسب.”
– جلال الدين الرومي

حين تُخبز الحياة الزوجية جيدًا:

تُصبح العلاقة ملاذًا لا ساحة معركة.

وتُصبح المشكلات فرصًا للإنضاج، لا أبوابًا للانفصال.

وتصبح أنت… “شيفًا” عاطفيًا، يُتقن فنون الخلط، والانتظار، والتذوق، والإصلاح.

فإن أردت زواجًا ناجحًا، لا تبحث عن وصفة جاهزة.
بل اصنع وَصفتك الخاصة… بخياراتك، بقيمك، بصبرك…
واحرص أن تخبز الحب على نار هادئة.

كاتبة رأي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى