كُتاب الرأي

حين يموت الشغف

بقلم /منال بنت أحمد الخريصي

حين يموت الشغف

يصبح العالم كلوحة باهتة

حين يموت الشغف، يصبح العالم كلوحة باهتة، ألوانها تلاشت تحت وطأة الرتابة. كأن النبض في القلب يتباطأ، والنار التي كانت توقد الأحلام تنطفئ رويدًا رويدًا، تاركة وراءها رمادًا باردًا. الشغف، ذلك الوقود الخفي الذي يدفعنا لنقاوم الرياح، يتحول إلى صمت ثقيل، يجثم على الصدر كحجر.

كنتَ يومًا ترى الصباح بمثابة دعوة للحياة، كل خطوة تقودك إلى حلم تلامسه بأطراف أصابعك. كنتَ تسمع همس الأمل في كل لحن، وترى وميض الإمكانيات في كل زاوية. لكن حين يموت الشغف، تصبح الأيام كصفحات كتاب مكررة، لا جديد فيها سوى توالي الساعات. العين ترى، لكنها لا تبصر. القلب ينبض، لكنه لا يشعر.

هل مات الشغف حقًا؟ أم أنه غفا تحت أنقاض التعب والخيبات؟ ربما هو لم يمت، بل اختبأ في زاوية من الروح، ينتظر شرارة صغيرة ليعود. ربما يكون الشغف كالنهر الذي يجف ظاهره، لكنه لا يزال يجري في الأعماق، بانتظار مطر جديد.

حين يموت الشغف، لا تبحث عنه في الأشياء الكبيرة. ابحث عنه في لحظة صغيرة: رائحة القهوة في الصباح، ضحكة طفل، أو نسمة هواء تداعب وجهك. ابحث عنه في كتاب قديم، في أغنية نسيتها، أو في حلم تخليت عنه لأنه بدا بعيدًا. الشغف لا يموت تمامًا، بل ينتظر منك أن تؤمن به مجددًا.

فإن شعرت يومًا أن شغفك قد خبا، توقف. تنفس. انظر إلى السماء، وتذكر أن النجوم لا تزال هناك، حتى لو حجبتها الغيوم. الشغف ليس نارًا تحترق دفعة واحدة، بل هو شعلة تحتاج منك أن تهبها نفسًا جديدًا كي تعود. فلا تستسلم لموت الشغف، بل اصنع له حياة جديدة.

كاتبة رأي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى