نادي القصة

**حين رأيتهم من بعيد**

الكاتبة/زايده حقوي

     **حين رأيتهم من بعيد**

جلستُ على المقعد الخشبي في طرف الحديقة، أراقب الأطفال وهم يركضون نحو الألعاب، ضحكاتهم تعلو المكان، تتناثر كفقاعات فرح، وصدى أقدامهم يطرق الأرض بحماسةٍ عذبة. للحظةٍ ما… شعرتُ أنني لستُ هنا، بل هناك… في زمنٍ آخر.

تمنيتُ، وأنا أراهم، أن أعود إلى تلك البراءة… أن أعيش مجددًا طعم السعادة كما كانت في قفزاتي ونظراتي الصغيرة. كانت خطواتي  تتسابق للوصول إلى الألعاب، نلهو ونضحك، والغبار يتطاير من حولنا كأن عاصفة من الفرح قادمة لا محالة.

ياااهٍ… كم كانت أيامًا جميلة. كانت أكبر أمنياتنا أن نلتقي بالأصدقاء، أن نمسك بيد والدينا أو نسبقهم إلى البوابة، نضحك وكأن العالم لا يحمل سوانا. كانت فرحتي تبدأ حين تجلس أمي أمامي، تمشط شعري برفق، ترتب ظفيرتي وتلبسني ذلك الفستان المنقوش بالورد. كنتُ أعلم أنه يومٌ مميز، فذاك الفستان لا يُرتدى إلا في الأعياد والفرح.

وكانت الألعاب… غاية المنى، وملاذ السرور.

قطعة حلوى أو آيس كريم كانت كفيلة بأن تجعل قلبي يرقص من السعادة. كنا نحيا أيامًا هادئة، أرواحنا نقية، وأحلامنا بسيطة جدًا… لا تتعدى لعبةً جديدة أو نزهةً قصيرة.

أتذكّر الأرجوحة التي كنتُ أعشقها، تلك التي لا تزال صورتها معلّقة في ذاكرتي، تتأرجح بي بين السماء والأرض، كما لو كانت ترفعني عن كلّ همّ.

عدتُ من شرودي على صوت ضحكة طفلٍ صغير، كان يحمل بيده غزل البنات، وقد التصق بعضه بخدّه. ابتسمتُ.

كم افتقدتُ ذاك الشعور… يوم لم أكن أحمل فيه همّ الغد، ولا أعلم شيئًا عن الحياة.

كاتبة وقاصة

زايده علي حقوي

كاتبة ومؤلفة وقاصة ومشرفة الخواطر والقصة القصيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى