حين تتراقص الحروف.. يبتسم الكون

زايده علي حقوي
حين تتراقص الحروف.. يبتسم الكون
كثيرًا ما كنا نشاهد ونستمتع ونحن صغار بالأفلام الكرتونية، نضحك مع الصور والحركات، وننسج بخيالنا الطفولي محاولاتٍ لتقليد أفعالهم. لا أنسى كيف كانت تلك الأصابع تعزف على البيانو، وكيف كان الرسم الكرتوني يقفز مع كل نغمة ووتيرة، وكأن الموسيقى تلامس روحه فيرقص معها بلا تردد. ربما كان الكثير من الأطفال يستمتعون بالمشاهدة والسماع حينذاك، لكن ماذا لو كانت الكلمات هي اللحن، والحروف هي النغم؟
حين تلامس الأحاسيس يزداد جمالها، خاصةً إن كانت حانيةً، كدواء يغني عن وصفة الطبيب. ما أجمل الحرف حين يضمد جرحًا فيخيطه، أو يلامس خدًا فيمسح دمعته، أو ينتشل مُرهقًا من أزمته! فالكلمات ليست مجرد حروفٍ تُنطق، بل أرواحٌ ترفرف، ترمم، وترفع، إن نبعت صادقةً كالماء من جوف الأرض، فأزهرت منها، واخضرّ لونها، ومنحت الحياة لمن حولها.
كالفراشات التي تبهج النفس برؤيتها وهي تنتقل بخفة من زهرة إلى أخرى، كذلك الحروف حين تتراقص بإحساس صادق، تملأ الأرواح بنورٍ لا يُرى، لكن يُشعر به.
فالكلمة قد تكون حضنًا دافئًا لمن أنهكته الأيام، وقد تكون يدًا خفية تمتد لانتشال الغارقين في أحزانهم.
الحروف ليست مجرد أشكال تُرسم، بل نبضات تُحس، وكل نبضة تحمل قصةً، وأملًا، وابتسامةً تختبئ بين السطور. ربما سطرٌ واحد قادرٌ على أن يبدّل حالًا، أن يبعث رجاءً في قلبٍ يوشك على الذبول، أو أن يمنح قوةً لمن كاد يستسلم.
فما أروع أن نكون صانعي الكلمات الطيبة، أن نخطّ بها نورًا يضيء، وبلسمًا يداوي، ورقصًا يُبهج القلوب، كما لو أن الحروف نفسها تبتسم حين تخرج بصدق، وحين تصل إلى من يحتاجها.