كُتاب الرأي

( حماس وإرادة السلام )

( حماس وإرادة السلام )

محمد سعد الربيعي 

يستبشر العالم بأجمعه ماتوصلت له المحادثات التي تجري في شرم الشيخ بمصر بين وفود مختلفة تشكل إتلافاً عالمياً مع وفدي حماس واسرائيل والتي توصلت للإتفاق على مبادرة الرئيس ترامب في ايقاف حرب غزه واطلاق سراح الرهائن الاسرائيليين ، وربما أن تتوجه المنطقة لسلام دائم بين العرب واسرائيل وخاصة في حالة صدق النوايا الاسرائيلية .
      كل المؤشرات مشجعة ، وخاصة مايتعلق بالضغوط الامريكية على نتنياهو المحاط بحكومة يمينية متطرفة ترفض التفاوض مع العرب ، بل تنتهي رغبتها بإحتلال كامل الاراضي الفلسطينية ، وهو ما قد يشكل عقبة لحكومة نتنياهو التي يتضح منه أنه يواجه ضغوط امريكية في اتجاه خلق سلام دائم في الشرق الاوسط وهو مايرغبه ترامب ، وكذلك الدول العربية والاسلامية في ظل تباينات وإطارات كثيرة ومعقدة ومختلفة تحتاج لاستمرار هذه الجهود سواء كانت من امريكا او الدول العربية ذات الشأن في هذا الخلاف السياسي الكبير الذي يتجاوز عمره الثمانون عاما ولاننسى هنا الدور السعودي الذي نجح فيما وصلت له هذه القضية .
      ما أود الذهاب له في هذا المقال هي جهود المملكة التي انصبت على ايجاد حل لهذه القضية التي تؤرق كل عربي حر ، وكان للمملكة جهود منذ نشؤ هذه القضية حيث قامت المملكة ومؤسسها الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه ، ولازالت بدعم الاشقاء الفلسطينيين في كل المحافل الدولية السياسية ، خلاف الدعم المالي والاقتصادي والمعنوي لهذا الشعب الشقيق الذي لم نجد منه أن يقول للمملكة (شكراً ) كعربون اعتراف للمملكة ولهذه الادوار التي أثمرت قبيل عدة ايام بإعتراف مايزيد عن مائة وسبعة وأربعون بدولة بدولة فلسطين ، خلاف المساعي التي تقوم بها المملكة منذ طوفان الاقصى حتى الان والمتجهة في الاعتراف بحل الدولتين وانهاء الاحتلال للاراضي الفلسطينية .
      من الملاحظ لكل متتبع للفصائل الفلسطينية فهي تعتنق أفكاراً شيوعية موغلة من نشأتها كجورج حبش ، وابو نضال ، والجبهة الشعبية الديمقراطية نايف حواتمة ، وغيرها ، خلاف حماس وجماعة الجهاد الاسلامي ، وهاتين الحركتين تبنت الخط الشيعي الاسلامي ، وإرتمت في حضن طهران وحزبها في لبنان ، بينما تلك الحركات التي اشرت لها خفت دورها وانتهت بموت مؤسسيها وقادتها الاشتراكيون بمختلف مشاربهم ،بالطبع بقيت حركة التحرير الفلسطينية او فتح التي كان يقودها عرفات ، ودخلت في محادثات سلام مع اسرائيل سميت بأسلو ، ورغم كل ماتم التوصل له تنصلت اسرائيل من تلك النتائج ، وأعادت الحصار على الضفة حتى ان توفي ابو عمار وتقلصت صلاحيات فتح ، وسيطرة حماس على قطاع غزه ، وحدث ماحدث منذ ان قويت شوكة حماس بدعم اخواني قطري ، وشيعي ايراني ، وغض طرف اسرائيلي حتى حانت الفرصة لاسرائيل بالانقضاض على غزه بعد طوفان الاقصى ، وحدث كل ماحدث امام اعين كل العالم الذي انتفض وحاصر اسرائيل حتى في أروقة الامم المتحدة .
        ماحدث من مؤدى هذه النتيجة التي حاصر فيها العالم اسرائيل لم يكن ليحدث لو لا دور المملكة وجهودها الدولية التي جابت دبلوماسياتها كل العالم ، وكل دوله صغيرها وكبيرها ، وكان لسيدي ولي العهد السعودي ووزير خارجيته دوراً كبيراً في ادارة هذه الحشود الدولية التي فتحت اعينها المملكة على الدور الاسرئيلي المجرم في قتل وتهجير وتدمير غزه على رؤوس أصحابها .
      من خلال مايجري من محادثات الان في شرم الشيخ خرج لنا خليل الحية الناجي من قصف الدوحة ليشكر ترامب وايران بطريقة خبيثة وغارقة في الوهن الدبلوماسي ، ويعرج في شكره على مصر وقطر التي تستضيفه وربما يغادرها قريباً لانه غير مرغوب فيه ، وقد تكون هذه رؤية قطرية لتسلم من شره وشر حركته حماس ، أقول يشكر ترامب ويتبجح في ذلك لأنه يحاول أن يكون بعيداً عن مقصلة رأسه ، وينجح في وضع شرط بعدم ملاحقته هو ومن بقي من عناصر حماس من اسرائيل التي لن ترضى الا بقتله هو ومن شارك او ايد طوفان الاقصى ، وهو لن يكون بعيداً عن ذلك حتى ولو عم السلام الشرق الاوسط .
         كل دول العالم إعترفت بدور المملكة وجهدها في ما وصلت له قضية فلسطين سواء الفلسطينيون الذين لم يعترفوا بذلك أو على الاقل يشكروا المملكة على دورها الكبير في حل القضية الفلسطينية ، وفي تحليلي أن استباق الرئيس الامريكي ترامب وتدخله المباشر في ايجاد حل لقضية فلسطين هي محاولة منه لإستباق الدور السعودي الذي سيحقق حل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطين وربما تبقى امريكا واسرائيل لوحدهما في الساحة ويتزعمان عدم الاعتراف بدولة فلسطين ، وهو ماسيزيد العزلة على اسرائيل وربما امريكا ايضاً التي تدعي السلام والحرية في العالم وتنكشف سؤاتها ، وبالتالي بادر ترامب برفع شعلة القيادة لحل هذه القضية خشية محاصرته مع اسرائيل من كل دول العالم.
   الشاهد هنا ان المملكة العربية السعودية ليست في حاجة لشكر حماس وقيادتها ، ولكنها خاطرة رأيت من المناسب ان اتطرق لها ، ولعل المثل الذي يقول البعرة تدل على البعير ينطبق على حماس وربما اغلب الفلسطينيين الذين اجتمعوا حول الكعبة المشرفة وعاهدوا المملكة امام العالم الاسلامي بأن تتصالح حماس وحركة فتح ، ومالبثوا وأن خرجوا من الحرم الا وقد وجههوا أفواه بنادقهم ضد بعضهم البعض .
         إذاً هذه حماس وهاهم الفلسطينيون ، ولكن لا أريد أن اكون متشائماً هناك فلسطينيون صدقوا ماعاهدوا الله عليه ويعرفون دور المملكة الكبير في خدمة قضيتهم ، بل تبنيها أكثر منهم كفلسطينيين.

كاتب رأي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى