كُتاب الرأي

(حليلك يا سمير )

 (حليلك يا سمير )

محمد سعد الربيعي

حليلك كلمة جميلة ولها استنتاجات كثيرة تحمل في طياتها الكثير من المعاني التي تصب في من تطلق عليه هذه الصفة ، فأحياناً للمحبة وأحياناً للشفقة ، وأحياناً تأتي للمديح ، وأخرى في مواقف ثانية قد تأتي للاستهزاء أو الشفقة كما أسلفت ، ولكنها بطبيعة الحال تكون في الكثير من الحالات ذات جانب ايجابي اكثر من السلبي لها في الاستخدام .
ما أود أن أذهب اليه في هذا المقال هو السيد سمير حليله ، وأنا على ثقة كبيرة بأن غالبية الناس أو المجتمع العربي والفلسطيني تحديداً قد لايعرف من هو هذا سمير حليله ، الذي سنعرج عليه في هذا المقال بصورة سريعة ، وحقيقة ما يحدث في غزه والضفة هو أمر مثير للشفقة فحليلهم قد تنطبق أيضاً على كل سياسي حماس والسلطة في شفقة لما وصلوا له من مآسي سياسية أدت لتخبط هاتين الحركتين ضد بعضهما البعض ، وهو ماينطبق عليهم المثل الدارج العامي ( ضيعوا صيدهم في عجاجهم ) كما أنه من باب الشفقة ينطبق على أهالي غزه المكلومين الذين وصل بهم الحال الى أن ندعو لهم بأن يشفق الله عليهم ، ويداوي جرحاهم ويرحم موتاهم ويرفع عنهم الضراء أنه سبحانه الولي القادر على ذلك .
سمير حليله هذا يا كرامي وقراء صحيفتنا العزيزة هو رجل اعمال فلسطيني من الضفة ، كان أمين لحكومة السيد احمد قريع ، رشح الان كحاكم لغزه ! دونما أن ترضى فتح وحماس !؟
لم يكن من المستغرب ظهور حليله هذا بل كان من المؤكد أن يخرج حليله وغيره في محاولة لتزعم حركة إنفصال ، أو تأسيس تنظيم جديد أو حركة تدعي قدرتها في إيجاد الحلول المناسبة لما تعانيه غزه والضفة ، وهي حقيقة لعبة استخبارات تستطيع الاخذ بيد من تراه من مجنديها السابقين او عملائها اللاحقين أو من ترى فيه القدرة على رفع الشعلة التي توقدها هذه الأجهزة لتنفيذ مخططاتها ، وتجنده وبالتالي تشتت الجهود في ظل ضياع مستحكم تقرره تلك الاجهزة لتحقيق أهدافها ومخططاتها ، وهذا ماتنفذه اسرائيل في الاراضي المحتلة بواسطة عملائها الذين لايعدون ولايحصون من كثرتهم ! .
تطرقت لهذا الجانب وهذه المساعي التجنيدية في مقالات سابقة وكثيرة نقلتها صحيفتنا أخر اخبار الارض عن حماس ، وحركة فتح ، ومايحدث في قطاع غزه من تغول اسرائيلي بيد حماس وقادتها في الخارج ، وذكرت فيها أن اسرائيل ستوجد البدائل لحماس وفتح متى ما أرادت  ، وسيتسنم راية هذا العمل أشخاص فلسطينيون يبدأ تلميعهم من قبل الاحتلال ، وتحسين سمعتهم ، وقدراتهم في خلق وضع جديد لما يعانيه أهالي غزه الان ، وربما الضفة لاحقاً ، ومن ثم يبدأ دعمهم ، ورسم الخطط الكفيلة لهم والمدروسة التي ستصب نتائجها في صالح العدو الاسرائيلي ، والتي هي من الأصل لاتريد الخير بالقضية الفلسطينية ومن تجندهم يسعون لتحقيق هذا الهدف ، وربما يصل الامر وهو ليس ببعيد لتجنيد قيادات جديدة تتبنى فكرة تهجير أهالي غزه ، وتنفذه وبالتالي تحقق رؤية واهداف نتنياهو وهذا ربما يحدث قريباً .
 اليوم سمعنا بسمير محمد حمدان حليله في الضفة ، وإحتمالية أن يكون حاكماً لغزه رغماً عن فتح  ، وقبيل أيام سمعنا بأبو شوارب في غزه وهو من يعمل على مناهضة حركة حماس والمصادمة معها ، ويتعاون مع الاسرائيليين ، إذاً هذه لعبة تنجح فيها استخبارات الدول ، وتستطيع خلق العملاء وتجنيدهم لخلق وضع جديد يتم من خلاله إعداد الخطط البديلة والمعقدة ذات المدى البعيد أو القصير ، وهي بالتأكيد مجهضة لكل الحلول التي ربما كانت على وشك الحدوث ، وهو ماكانت تسعى اسرائيل لتحقيقه من خلال خلق مثل هذه القيادات البديلة لإجهاض أية حلول تعترف بالقضية الفلسطينية وحلها على مبدأ حل الدولتين الاسرائيلية والفلسطينية ، ناهيك عن التجنيد الاخر المُكلف بالاغتيالات واستهداف من تراه تلك الأجهزة
قد يُشكل عليها خطراً في المستقبل .
بالطبع ستقف حركة فتح ، وكذلك حماس عاجزة عن إيقاف مثل هذه التعينات التي ستتم رغم أنوف الفلسطينيين قيادة وشعبا ، وفي النهاية ستكون الكلمة لهولاء البدلاء أو العملاء حيث سيتولون السيطرة على غزه ، والضفة لاحقاً بضغط اسرائيلي وربما أمريكي لتغيير خارطة الطريق التي كانت محل محاولة تحقيق من المملكة العربية السعودية ، وبعض الدول العربية مثل مصر والاردن ودول عالمية اخرى .
إنها يا سادتي الخيانة التي تجري مجرى الدم في بعض الشعوب للاسف ، والتي تحقق أهداف الاعداء وقتل كل مقاومة تحاول التحرر ، وبناء الدولة ، فحالة حليله هذا ليست بعيدة عن العمالة لاسرائيل خاصة وهو كان أمين لحكومة قريع المتهمة بدعم بناء الجدار العازل وترشيحه لهذا المنصب كحاكم لغزه يذكرنا ب بول بريمر الذي حكم العراق بعد سقوط حكم صدام حسين ، والمؤكد في هذا الترشيح هو لايخرج عن احتمالين الاول هو أن اسرائيل رفعت بترشيحه للولايات المتحدة الامريكية لقبوله كمرشح كحاكم لغزه التي رفضت (اسرائيل) كل الحلول حيث تصر العودة لها واحتلالها ، والاحتمال الاخر هو ان امريكا هي من رشحته وفرضت اسمه على اسرائيل المعروف لديها هذا حليله ! وكلا الاحتمالين واردين وبالتالي فقد تذهب امريكا لدعم الفكرة وتنفيذها لخلق وضع جديد في غزه يلغي حماس وحركة فتح كليهما! وستكون هذه عقدة لايمكن حلها وستؤصل انفصال غزه عن الضفة وهو مايزيد في تقطيع الاراضي المحتلة وصعوبة قيادتها من فتح او السلطة التشريعية الفلسطينية .
ليست هناك حلول يمكن طرحها من سلطة فتح خاصة وأنها بقيت مكتوفة الأيدي طوال أزمة غزه ، ولم تبادر بوضع أي حلول أو تدخل قد يسهم في دحرجة القضية لصالحها  أي (فتح )سيما وهم أصحاب الارض ويعرفون ما قد يمكن حدوثه فيها مثل هذا حليله وغيره ، ومن الذين قد يتخادمون مع اسرائيل ويشقون الصف الفلسطيني ، ويخلقون لها الذرائع اي (اسرائيل )في إمتطاء ظهور أولئك الخونة، ويدمرون مابقي من الضفة أو يسقطون عباس وحكومته التي اكتفت بموقف المتفرج من كل هذه الاحداث ، وكان من الاولى على عباس وحكومته التدخل والتنسيق مع الدول العربية ، وكذلك مع امريكا للتدخل في غزه ، وايقاف المجازر التي ارتكبتها اسرائيل منذ بداية الأزمة ومنع تهديم غزه والمواجهة مع حماس والقضاء عليها وكذلك محاولة منع التدخل الإسرائيلي ، وبسط سلطتها على غزه والضفة ، وربما كان هذا هو أحد الحلول الجريئة التي كانت ستعطي فتح التمكين في ادارة الدولة الجديدة ، وتقنع العالم بأنها تستطيع قيادة الدولة حتى ولو خسرت الكثير من الارواح في مواجهتها مع حماس لبسط نفوذها وسيطرتها على قطاع غزه وهزيمة حماس ، ولكنها الفرص تأتي ثم تختفي بسرعة إن لم يتم التقاطها ، وهذا للاسف ماحدث لفتح التي تنتظر  من يقاتل من أجلها ويسلمها غزه الان !
إذاً سمير حليله هذا سيكون له العديد من (الكوبي ) أي استنساخ الصور الاخرى وبعبارة أدق وأشمل سيظهر أكثر من سمير ، وأكثر من ابو شوارب ، وسيجهضون كل المحاولات التي تجري على قدم وساق من أجل إيقاف احتلال غزه ، التي تتباكى عليها حماس الان وتحاول في القاهرة اللحاق بإقناع اسرائيل لايقاف هجومها عليها ، وعدم إعادة احتلالها ، ولكن من يبكي على اللبن المسكوب ياقادة حماس!

كاتب رأي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى