كُتاب الرأي

حزب الشيطان وزميره

 

كان لتأسيس هذا الحزب كخلية في لبنان عام 1982 من القرن الماضي إرهاصات تخللتها خيانات كبيرة، عندما قامت ما تسمى بالثورة الإسلامية في إيران، التي كان يقودها الهالك خميني، بالتوسع إقليميًا تحت غاية توسع شيعي اثنا عشري بغطاء سياسي تمددي للعالم الإسلامي.

كان الهدف لدى ساسة تلك الدولة الانقلاب على الدول المجاورة ومحاولة تغيير أنظمتها لتصبح دولًا تابعة للجمهورية الإسلامية في إيران، ومن ثم الانطلاق في التمدد دوليًا كما حدث في نشر التمدد الشيعي في القرن الإفريقي ودول آسيا وحتى في بعض الدول الأوروبية وكندا وأستراليا.

بالطبع، البداية كانت من لبنان عندما تآمر السيد نبيه بري، رئيس حركة أمل الشيعية، مع هذه الثورة التي أغرته بالمدد المالي الكبير، الذي كانت تتولى توزيعه المستشارية الثقافية في لبنان، التي تعد وكرًا استخباريًا إيرانيًا لنشر التشيع في لبنان والمنطقة والعالم بأجمعه، وأوعزت له استمالة القيادات المهمة في الجانب الإسلامي السني والمسيحي وإدخالها في الربق الإيراني تحت إغراءات مالية كبيرة، وهو ما حدث من البعض في الجانبين باستحياء وخشية نتيجة تلك الإغراءات التي بدأت تأخذ توسعًا انتشاريًا في هشيم دولة لبنان المهترئة، حتى دخل العديد من هذا النسيج الاجتماعي المختل التركيب في لبنان البورصة الإيرانية في تسابق للدولار والهيمنة التي تمنحها إيران لمريديها.

وبالطبع، كان لنبيه ولحركته أمل الدور الرئيسي في إيجاد موطئ قدم لإيران في لبنان، حيث خرج منها رؤساء هذا المولود السفاح حزب الشيطان، وكان في بدايته ظاهره الرحمة وباطنه فيه العذاب، حيث رأس الشيعي العروبي الشيخ محمد حسين فضل الله الحزب على إثر تورطه في البداية بالدعاية الحزبية والغاية الإيرانية المسمومة الكاذبة وهي محاربة العدو الإسرائيلي، ولكنه ما لبث أن عرف الهدف واللعبة من تأسيس الحزب وحاول أن يفرض سيطرته عليه والنأي به عن إيران، ولكنه لم يستطع تحت مقاومة الضغوط التي يمارسها بري ووكلاؤه في طهران خشية أن يفقد الأول بريقه في لبنان والنظام الإيراني من استقلال سياسة الحزب والبعد عنها وعن الهدف من تأسيسه المتضمن السيطرة على لبنان حكومة وشعبًا.

بعد ذلك، ترك فضل الله الحزب وبدأ يحذر منه ومن سياسة إيران حتى أتى الشيخ صبحي الطفيلي، الذي قاد حركة ما تسمى بالجياع في لبنان بعد تركه الحزب أيضًا بعد صراع قوي مع إيران وعملائها في لبنان، ولا يزال الطفيلي يصدح برأيه الجهوري ضد إيران وأذنابها في كل مكان، وكان الطفيلي أشد من فضل الله في محاولة نأيه بنفسه والحزب من سيطرة إيران بعد أن توضحت لديهما الأسباب الرئيسية منها ومن حزبها المشئوم في لبنان.

في ظل هذه المتغيرات التي لم تأت بالهدف المطلوب الإيراني، كانت حركة أمل برئيسها بري وإيران يهيئان قائدًا للحزب وهو عميل إيران زميره، حيث كان شابًا في حركة أمل تم بعثه لقم والمراجع الدينية والسياسية الاستخبارية من بين عناصرها والتي انقلب عليها زميره لاحقًا وألغى كل أدوارها في لبنان بعد أن عاد كرئيس للحزب وأنشب مخالبه في كل لبنان، بدأ بالتصفيات والقتل لكل من يقف في وجه سياسته القمعية والعميلة لإيران، بداية من القادة المسيحيين والسنة الشرفاء حتى اغتيال الحريري في قمة هرم اغتيالاته، وانتهى به المطاف بتدمير لبنان نتيجة تخزينه نترات الأمونيوم في ميناء العاصمة اللبنانية التي دمرت جزءًا كبيرًا منها وقتلت الكثير من أبنائها الأبرياء في ظل سكوت غريب من كل فصائل النسيج الاجتماعي اللبناني المتواري خلف الخشية والاستبداد الحزبي لزميره والقتل بالجملة لكل من ينبس ببنت شفة ضد الحزب.

هكذا كان تعامل الحزب في لبنان، حيث تمت له السيطرة على كل شيء يتحرك هناك، ناهيك عن استغلاله لزراعة المخدرات وتهريبها لدول الخليج في حرب يقودها هو وربيبته إيران لتدمير النشء في دول المنطقة، الحديث يطول عن هذا الحزب وتداعيات تأسيسه وسياسته التي نفذها لصالح إيران وقتله للمسلمين السنة في لبنان وسوريا أثناء أزمتها السياسية وتشييعه للسوريين وإلحاقهم بحزبه في لبنان والسيطرة على مقر السيدة زينب، الذي أصبح مكانًا للطم وسواد له ولسوق الحميدية بدمشق، أما عن الحديث عن مواجهاته مع العدو المفترض “إسرائيل”، فهو كالأحاديث الإسرائيلية التي لا يمكن التصديق بها، ففي الحرب الأخيرة على غزة، كان يوجه قتاله لأحد الأبراج الإسرائيلية على الحدود طيلة أزمة “طوفان الأقصى”، حتى بلغ السيل الزبى من إسرائيل التي اغتالت كل عناصر الحزب القيادية في لبنان وسوريا وكل مكان، بعدها، بدأ يحاول الضرب هنا وهناك لإقناع أتباعه بأنه ضد العدو الإسرائيلي، ولا تزال مواجهاته تتسم بالكذب والخداع والتنسيق في إدارة المواجهة مع إسرائيل لذر الرماد في العيون ليس إلا.

الشاهد هنا أن هذا الحزب عبارة عن خلية سرطانية في الجسم العربي، ولعل تصنيفه في المملكة وبعض دول الخليج كمنظمة إرهابية كان يمثل صفعة قوية للحزب وإيران، تبعتها بعد ذلك دول أوروبا، عدا (فرنسا)، كما قامت أمريكا وأستراليا وكندا بتصنيفه أيضًا كمنظمة إرهابية.

ولعله من الغريب هنا أن يتبادر السؤال: إلى متى سيحكم حزب زميره لبنان التي كانت تسمى سويسرا الشرق الأوسط؟ وينتهي السؤال عن شرفاء لبنان وشجعانه: إلى متى تظل أعناقهم موثوقة ويقودهم الخائن نصرالله… آسف، زميره؟

اللواء م / محمد سعد الربيعي
كاتب صحفي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى