كُتاب الرأي

تنهيدة (بيلين)

بقلم: الكاتبة أ/ زايده حقوي

تنهيدة (بيلين)

في أروقة مدرستي، وفي لجنة الصف الثالث، حيث تتداخل المشاعر بين التوتر والأمل، تنبثق قصتي اليوم عن طالبة صغيرة تحمل في صدرها نبضات الحياة وحنانها. “بيلين” هي بطلة قصتي، تنهيدة صغيرة من القلب استحقت أن تُروى بماء الروح.
في لجنة الاختبار المركزي الذي يخشاه الجميع، كان الخوف يختلط بارتباك الأطفال الصغار، الذين تنتظرهم لحظة مصيرية في حياتهم الدراسية. كان عليّ أن أكون لهم السند، أهدئ قلوبهم المرتجفة وأزرع في نفوسهم الأمل.
عندما سألتني إحداهن، بلهجتها البيضاء، ما إذا كنتُ قد نُقلت من المدرسة، كانت إجابتي: “لا تقلقي، أنا باقية معكم للعام القادم، إن شاء الله.”
فاجأتني فرحتهم العارمة بتلك الكلمات، وتلاها صوت جماعي يقول: “الحمد لله! لقد وَحّدنا الدعاء، فاستجاب الله لنا!”
في تلك اللحظة، كانت “بيلين” ترسم أجمل صورة للفرح الحقيقي. وضعت يديها على صدرها وزفرت زفرة طويلة ممزوجة بتنهيدة، ثم رفعت رأسها وهمست “الحمد لله”، ودموع الفرح تترقرق في عينيها.
كانت تلك التنهيدة بمثابة شعاع أضاء روحي، جفّفت ينابيع اليأس التي خيمت عليّ، ومنحتني امتنانًا عميقًا لله.
إنها لحظة النعمة والفضل، حين نكون سببًا في فرح غيرنا، ونشعر بأن وجودنا ما زال يحمل فرقًا في حياة الآخرين.
وهكذا، تستحق “بيلين” أن تكون نجمة سطوري، بطلة تنهيدتي التي أهدتني الكثير.
جعلني الله، ومن يقرأ هذه السطور، من ناشري الخير، والحب، والسلام بين الناس.

كاتبة وقاصة

زايده علي حقوي

كاتبة ومؤلفة وقاصة ومشرفة الخواطر والقصة القصيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى