كُتاب الرأي

تعزيز ثقافة مواجهة الأزمات والمخاطر مسؤولية مجتمعية مشتركة

تعزيز ثقافة مواجهة الأزمات والمخاطر مسؤولية مجتمعية مشتركة

تواجه المجتمعات المحلية بين الحين والآخر أزمات ومخاطر متنوعة، قد تكون طبيعية كالأمطار والسيول والتغيرات البيئية، أو بشرية مرتبطة بالزحام والحفريات، أو مواسم الأعياد والعودة إلى المدارس والاختبارات؛ وكلها مواقف متكررة تُظهر الحاجة الماسة إلى جاهزية ووعي يحدّ من آثارها، ويُسهم في التعامل معها بكفاءة؛ ومن هنا يبرز دور نشر ثقافة إدارة الأزمات والمخاطر كركيزة أساسية لحماية المجتمعات وبناء قدراتها.
إن إدارة الأزمات لم تعد مجرد رد فعل آني على حدث طارئ، بل أصبحت علماً متكاملاً يتطلب رؤية استراتيجية شاملة؛ فهي تبدأ بالتخطيط المسبق من خلال إعداد خطط طوارئ وسيناريوهات متنوعة، وتنفيذ تدريبات تحاكي الواقع لرفع الجاهزية، مروراً بإدارة المخاطر عبر دراسة مسببات الأزمات وتحليلها، وانتهاءً ببناء مجتمعات واعية وقادرة على تحويل التحديات إلى فرص تعزز مناعة المجتمع وتماسكه.
إن المقترح بإنشاء جمعيات أو لجان متخصصة في كل منطقة ومحافظة يُعد خطوة نوعية في هذا الاتجاه، حيث يمكن لتلك اللجان أن تعمل كجهات استشارية داعمة ومساندة للأجهزة الرسمية، وأن تضطلع بدور تثقيفي وتوعوي يعزز من وعي الأفراد بأهمية الوقاية والتأهب؛ مثل هذه المبادرات من شأنها أن تجعل المواطن شريكاً فاعلًا في مواجهة الأزمات، لا مجرد متلقٍ للقرارات والتعليمات.
التجارب العالمية تؤكد أن المجتمع الواعي والمدرَّب هو خط الدفاع الأول أمام الكوارث، وأن الاستثمار في نشر الوعي والتعليم وبناء استراتيجيات وقائية يقلل كثيراً من حجم الخسائر المادية والبشرية؛ ولهذا فإن التوجه نحو إشراك المجتمع في منظومة إدارة الأزمات ليس خياراً تكميلياً، بل ضرورة تفرضها الظروف المعاصرة وتحدياتها.
إن بناء ثقافة مجتمعية مسؤولة تجاه الأزمات، وتعزيز التعاون بين الأفراد والجهات الرسمية، هو السبيل الأمثل لحماية الأرواح والممتلكات، وضمان استمرار التنمية بأمان واستقرار؛ وفي نهاية المطاف، تبقى المجتمعات التي تتبنى الوعي والتخطيط المسبق أكثر قدرة على الصمود، وأكثر استعداداً لمواجهة المستقبل بثقة.

مبارك بن عوض الدوسري
@mawdd3

مبارك عوض الدوسري

كاتب رأي وإعلامي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى