ترشيد المياه لا تلتزم به بعض الجهات الحكومية

عبدالله سالم الصعيري
ترشيد المياه لا تلتزم به بعض الجهات الحكومية
قال تعالى: (وجعلنا من الماء كلّ شيء حيّ)، وقد روى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ بسعد وهو يتوضأ فقال له: «لا تسرف»، فقال: يا رسول الله، أو في الماء إسراف؟ قال: «نعم، وإن كنت على نهر جار».
وفي الرسالة لابن أبي زيد القيرواني: “وقلة الماء من أحكام الغسل سنة، والسرف منه غلو وبدعة”.
ولا يخفى علينا جميعًا أن “الماء أرخص موجود وأغلى مفقود”، بل قد يكون مستقبلًا سببًا للحروب بين الدول، ومرتكزًا لأي نشاط تنموي، وهو السبب الرئيس وراء النزاعات الدولية والحروب العالمية الحالية والمقبلة. لذا فهو بترول القرن الحادي والعشرين، والمتحكم في العلاقات الدولية، ومصدر القوة والسيطرة الاستراتيجية. ويتوقع أن تتغير الجغرافيا السياسية للعالم تبعًا لتوزيع موارد المياه.
وبلادُنا من أقل الدول التي تتوفر فيها المياه العذبة الصالحة للشرب والزراعة، لعدم وجود الأنهار فيها. بل إن الدولة تبذل المليارات لتنقية وتحلية المياه لتكون صالحة للشرب، والزراعة، والأنعام.
ومع ذلك، ورغم قلة المياه وندرتها في بلادنا، إلا أن الإسراف وعدم الترشيد في استهلاك المياه منتشر سواء في المساكن أو المرافق العامة أو الجهات الحكومية.
ولا توجد طريقة أو فكرة لترشيد استهلاك المياه أثبتت نجاحًا واضحًا كما هو الحال مع فلاتر الترشيد التي تُثبّت في الصنابير، والتي تقلل من اندفاع الماء بشكل كبير، وتُعد فكرة ناجحة ومهمة للغاية في ترشيد استهلاك المياه، حيث يمكن أن تقلل الاستهلاك بنسبة تقارب ٥٠٪ مقارنة بالصنابير العادية.
ولو تم حساب ومقارنة الاستهلاك بالطريقتين في أي سكن أو مرفق عام أو جهة حكومية، فسيتحقق تخفيض واضح بنسبة كبيرة.
ولكن – وللأسف الشديد – فإن هذه الفكرة، على الرغم من إعلانها وتطبيقها سابقًا من قبل مصلحة المياه منذ عدة سنوات، وتوزيع الفلاتر على جميع المرافق والمساكن والجهات الحكومية في حينه، إلا أننا لا نزال نشاهد العديد من المواقع لا تستخدم هذه الفلاتر، ولا تلتزم بتوفيرها في منشآتها، مما يُعد تقصيرًا في الالتزام والمساهمة في ترشيد المياه.
ومن هذا المنطلق، فإن فرض رسوم المياه على جميع المرافق والدوائر الحكومية من شأنه أن يدفعها للالتزام بالترشيد والاهتمام الجاد بهذا الأمر.
وعليه، فإنني أرى ضرورة التأكيد والتنبيه لجميع مستخدمي المياه – خاصة في اليوم العالمي للمياه – بأهمية الترشيد واستخدام فلاتر الترشيد في صنابير المياه، واتخاذ التدابير اللازمة، وفرض الغرامات التي تلزم الجميع وتُجبرهم على استخدام هذه الفلاتر، ومحاسبة أي جهة لا يتوفر فيها هذا النظام.
فالمحافظة على المياه مسؤولية الجميع، وهي إرث للأجيال القادمة، يستوجب علينا الحفاظ عليه بشتى الطرق والوسائل، والدعوة إلى ابتكار وإيجاد كل السبل لترشيد المياه والمحافظة عليها.