تحالف الصمت الذكي

تحالف الصمت الذكي
السعودية والصين.. تنسيق بلا ضجيج ونفوذ يتعاظم بهدوء
في زمن تتسابق فيه الدول نحو الميكروفونات والضجيج الإعلامي، تبني المملكة العربية السعودية والصين تحالفاً من طراز مختلف؛ تحالف لا يعتمد على الشعارات، بل على الأفعال، ولا يقوم على الهيمنة، بل على المصالح العميقة والاحترام المتبادل.
منذ عقود، حافظت العلاقات السعودية الصينية على وتيرة هادئة وثابتة، دون ضوضاء سياسية أو استفزازات دبلوماسية. لكن خلف هذا الهدوء، تشكّل تحالف استراتيجي متين، لا يقل أهمية عن التحالفات التقليدية في الساحة الدولية. إنه “تحالف الصمت الذكي”، حيث تُدار الملفات الكبرى بعيداً عن الخطابات الاستهلاكية، ويُصاغ المستقبل بلغة المصالح العميقة لا المزايدات.
اقتصاديًا، تتقاطع رؤية السعودية 2030 مع مبادرة “الحزام والطريق” الصينية في عدة مسارات: الطاقة، الصناعة، البنية التحتية، والتكنولوجيا. وتُعد الصين اليوم الشريك التجاري الأول للمملكة، كما أنها شريك موثوق في مشاريع نوعية تُعزز التحول الاقتصادي السعودي نحو التنويع والاستدامة.
أما سياسيًا، فقد وجدت الرياض في بكين شريكًا دوليًا يتعامل بندّية، لا بوصاية. فالصين لا تفرض شروطًا سياسية ولا تتدخل في الشؤون الداخلية، وهو ما يجعل العلاقة أكثر استقراراً وأقل عرضة للتقلبات، على عكس بعض الشراكات الغربية التي كثيراً ما تقترن بالإملاءات أو ضغوط القيم المعلّبة.
الزيارة التاريخية للرئيس الصيني شي جين بينغ إلى الرياض في عام 2022 لم تكن مجرد حدث بروتوكولي، بل كانت إعلانًا غير مباشر عن بدء مرحلة جديدة من التوازن الدولي، تقودها دول تعرف متى تتحدث، ومتى تُنصت، ومتى تتحرك بصمت وقد أثبتت السعودية أنها لا تبني علاقاتها بناءً على الاصطفافات، بل على أساس مصالحها الوطنية واستقلال قرارها السيادي.
اليوم، ومع تزايد الاستقطاب العالمي بين الشرق والغرب، تبرز المملكة كلاعب عقلاني، يعيد صياغة علاقاته الدولية بهدوء، ويُدير تحالفاته بمنطق الكبار. تحالفها مع الصين ليس رد فعل، بل خيار استراتيجي في زمن لا مجال فيه للارتجال.
في النهاية، لا تحتاج التحالفات الناجحة إلى ضوضاء، بل إلى رؤية، وصبر، وعقلانية. وهذا بالضبط ما يميز التحالف السعودي الصيني: تحالفٌ في الظل.. لكنه يُحدث فرقًا في الضوء
بقلم: الأستاذ تركي عبدالرحمن البلادي
تعليقك وسام وشهادتك فخر حفظك الله
لافض الله فوك
جزاك الله خيراً
👏👏👏👏
تعليقك وسام وشهادتك فخر حفظك الله