*بين شوك الكلمات وَ وَردْ الحروف*

*بين شوك الكلمات وَ وَردْ الحروف*
الكلمات كائنات خفية، لا تُرى بالعين، لكنها تُرى بالقلب، وتُحسّ بالروح، قد تخرج من الفم خفيفة كنسمة فجْر، فإذا بها تهوي على النّفسِ كبستان وِجدان، وقد تُقال مزحة فإذا بها تترك في الصدر أثر سهمٍ لم يُسحب.
لا يدرك المرء ثِقَل الكلمات إلا يوم تُلقى عليه، فتستقر في أعماقه كما يستقر الماء في جوف الأرض العطشى.
كلمة إشادة قد تفتح نوافذ النور في قلب أُغلق منذ زمن، وكلمة قسوة قد تطفئ ألف شمعة أضاءتها الأيام بالعناء والصبر.
لقد خطّت الكلمات التاريخ، وأشعلت الحروب، وأطفأت النيران، وبنت حضارات وهدمت أخرى…
هي جنود لا تُرى، تقاتل أحيانًا بالحب، وأحيانًا بالجفاء، لكنها دومًا تصيب الهدف، خيرًا كان أو شرًّا.
فلنمنح حروفنا رحمةً قبل أن نمنحها خروجًا، ولنجعل منها ظلًا ظليلًا يُستظل به في لهيب الحياة، لا سيفًا يجرح العابرين، فما قيل لا يعود، وما سُكب من مداد الحروف لا يُمحى من صفحة القلوب.
ولنتذكّر دائمًا: قد تحمل كلمةٌ واحدة ثِقَل سنوات، وقد تخفّف كلمة واحدة حملَ عمرٍ بأكمله.
وما أجمل أن نستحضر دائماً قول الله تعالى:
﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ [البقرة: 83
د. دخيل الله عيضه الحارثي