كُتاب الرأي

بين الممكن والمستحيل

 

في حياة الإنسان، يتردد صدى سؤال دائم: ما الذي يمكن تحقيقه وما الذي يظل مستحيلًا؟ هذا السؤال يعكس صراعًا بين الطموح والقيود، وبين الواقع والخيال. لكن، هل المستحيل حقيقة ثابتة أم أنه مجرد حدود وضعها الإنسان لنفسه؟ وما الذي يجعلنا نؤمن بأن بعض الأحلام قابلة للتحقيق بينما تبدو أخرى محض أوهام؟ منذ القدم، انشغل الفلاسفة والعلماء بمحاولة تعريف حدود الممكن والمستحيل. يرى العديد من المفكرين أن الممكن هو ما يمكن تصوره ضمن قوانين الطبيعة، بينما المستحيل هو ما يتناقض مع تلك القوانين. لكن مع تقدم العلم، تغيرت هذه الحدود؛ ما كان يُعد مستحيلًا في الماضي، مثل الطيران أو استكشاف الفضاء، أصبح اليوم حقيقة. المفارقة أن المستحيل، بدلاً من أن يكون عائقًا، كان دائمًا دافعًا للتقدم. عندما واجه الإنسان التحديات التي بدت مستحيلة، اكتشف تقنيات جديدة وطور أدوات غيرت مسار التاريخ. الطموح لتحويل المستحيل إلى ممكن هو ما قاد الإنسانية لاختراع العجلات، واكتشاف الكهرباء، وزيارة القمر. على المستوى الفردي، يُعتبر التمييز بين الممكن والمستحيل جزءًا من رحلة النمو. كثيرًا ما نضع حدودًا لأنفسنا بناءً على مخاوفنا أو تجاربنا السابقة، ونعتبر بعض الأهداف بعيدة المنال. لكن التجارب الحياتية أثبتت أن المثابرة والإيمان بالقدرات الذاتية يمكن أن يحطما هذه القيود، ويجعلان المستحيل أقرب مما نظن. الممكن والمستحيل ليسا حدودًا ثابتة، بل مفاهيم مرنة تتغير مع تغير الظروف والإرادة البشرية. المستحيل هو التحدي الذي يدفعنا لإعادة تعريف قدراتنا، والممكن هو الحلم الذي نعمل على تحقيقه. بينهما تتجلى معجزة الإنسان في تخطي الحدود وتوسيع آفاق الحياة.

 

معلا السلمي

كاتب رأي

معلا علي السلمي

كاتب رأي وإعلامي

‫2 تعليقات

  1. كاتب صحيفتنا المبدع الأستاذ معلا
    موضوعك هذا يلامس جوهر الإبداع البشري ويستعرض بأدق التفاصيل كيف أن الطموح والاصرار يمكن أن يحولا التحديات المستحيلة إلى إنجازات تاريخية .
    بالفعل، الإنسان عندما يواجه المستحيل ، يبدأ في البحث عن حلول مبتكرة تتجاوز الحدود ، مما يجعلنا نعيد التفكير في إمكانياتنا .
    لقد ألهمتني كلماتك وأعادت لي الإيمان بأن ما يبدو مستحيلاً اليوم قد يصبح حقيقة غداً إذا ما تحلينا بالعزيمة والإرادة👍.
    شكرا جزيلا لك على إثراءنا وإثراء قراء الصحيفة💐

    1. شكرًا جزيلًا لكِ، أستاذة ابتسام، على تعليقك الرائع والمحفز. كلماتك الراقية تعكس تقديرًا عميقًا للفكرة وروحًا ملهمة تدفع نحو الإبداع والعطاء المستمر. تعليقك ليس مجرد إشادة، بل هو دافع للاستمرار في الكتابة وتقديم الأفضل. أشكر لكِ هذا التفاعل الإيجابي والدعم المتميز، وأتمنى أن أكون دائمًا عند حسن ظنكم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى