كُتاب الرأي

*بين الضبط والكرامة!!

*بين الضبط والكرامة!!

* برامج الدعم الاجتماعي تحت مجهر النقد المنضبط

* عبدالمحسن محمد الحارثي*

تُعد برامج الدعم الاجتماعي في المملكة العربية السعودية ؛ من ركائز العدالة الاجتماعية التي تهدف إلى حماية الفئات الأكثر حاجة وتعزيز الاستقرار المعيشي للمواطنين ، وهي برامج وطنية راسخة، تعكس التزام الدولة بالوفاء بمسؤولياتها تجاه مواطنيها ، وهذا ما نصت عليه اللائحة الأساسية للحكم من عدل ومساواة وسعادة المواطن وحفظ كرامته ، غير أن التطبيق العملي لهذه البرامج كشف عن ملاحظات موضوعية تستحق النقد الهادف والبنّاء في إطار الحرية المنضبطة.

* إجراءات دقيقة لا ينبغي أن تتحول إلى عوائق أمام المستحقين .. ومراجعة الآليات ضرورة لضمان العدالة.

أول هذه الإجراءات هو التحقق الدقيق من أهلية المستفيدين، من خلال معايير واضحة تشمل الدخل، والحالة الاجتماعية، وعدد أفراد الأسرة. كما يُطلب من المستفيدين تحديث بياناتهم بشكل دوري، حتى تكون المعلومات دقيقة وتعكس واقعهم المعيشي.

من أبرز تلك الملاحظات أن بعض المستفيدين حُرموا من الدعم بسبب أخطاء إدارية لا دخل لهم فيها، مثل :
إدخال وسطاء عقاريين بيانات سكن غير دقيقة، مما أدى إلى رفض الطلبات بدعوى “عدم تطابق العنوان”. كما رُصدت ملاحظات أخرى تتعلق بتأخر تحديث البيانات، أو عدم وضوح أسباب الاستبعاد، إضافة إلى صرامة بعض الاشتراطات التي لا تراعي الحالات الإنسانية الخاصة لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، خصوصًا شرط وجود عقد سكن إلكتروني مستقل رغم أنهم يعيشون مع أسرهم ويعتمدون عليهم في المعيشة ، بالإضافة إلى بحث الحالات ودخول البيوت ، وطرح بعض الأسئلة التي فيها نوع من الانتقاص وفقد للكرامة الإنسانية .

هذه الملاحظات لا تمس جوهر البرامج ولا قيمتها، لكنها تُبرز الحاجة إلى مراجعة آليات التنفيذ لتكون أكثر عدالة ومرونة ، فالنقد المنضبط لا يهدف إلى التشكيك، بل إلى ضمان التوازن بين ضبط الاستحقاق وحماية المال العام من جهة، وصون كرامة المستفيد وحقوقه من جهة أخرى ، فالنقد الحقيقي ليس صوت الغضب ، بل صوت العقل ، وفي هذا المحور يقول أفلاطون : ( من ينتقد بلا فهم ؛ يُحدث ضجيجاً ، ومن ينتقد بحكمة يُحدثُ أثراً).

* الخطوات المقترحة لتطوير الأداء.

– تمكين المستفيد من تصحيح الأخطاء دون تعليق الدعم.
– محاسبة المتسبب الفعلي في الخطأ بدلاً من معاقبة المستفيد.
– إيجاد آليات بديلة لإثبات السكن لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة.
– تعزيز قنوات الاعتراض والتواصل بشفافية ووضوح ، وذكر سبب الرفض .
– البيوت محارم ، ودخولها فيه شيء من عدم الثقة والتشكيك ، وبه قدر من الإهانة وكشف المستور.
– ضرورة تفعيل منصَّة إبشر ، لربط المعلومات ، وتحقيق مبدأ الشفافية العادلة .

* العدالة لا تتحقق فقط بتطبيق النص، بل بفهم روحه..فصون كرامة المستفيد جزء من حماية المال العام”.

إن الحرية المنضبطة في النقد ليست ترفًا، بل وسيلة لتقويم المسار وتعزيز الثقة بين المواطن والجهة المقدمة للدعم فالحرية بلا انضباط تتحوّل إلى فوضى ، وبرامج الدعم الاجتماعي في جوهرها لا تُمنح تفضّلًا، بل تُقدّم حقًا نظاميًا ينسجم مع رؤية المملكة 2030، ويؤكد على العدالة والمساواة وصون كرامة المواطن ، فاحترام كرامة الإنسان ؛ هو أوَّل الطريق نحو مجتمع فاضل!!

كاتب رأي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى