كُتاب الرأي

بين الحب والسهم: حين تُغمد الخناجر في أثواب الوفاء

سويعد الصبحي

بين الحب والسهم: حين تُغمد الخناجر في أثواب الوفاء

في ميدان العلاقات لا يُقاس صدق الودّ في لحظات الورد بل في مواسم الجرح ولا تُعرف المعادن النفيسة في ضوء المديح بل في عتمة المحن.
وهنا يبرز وجه الصديق الصدوق:
أهو حصنٌ يذود؟
أم سهمٌ يسوق الكلمة كالسيف  ويغلّفها  بغلاف (الشفافية)أو (المحبّة)؟
يا صاحبي… إنّ المحبّة لا تعني أن تكون ناقلًا للسُهام بل أن تكون كافًّا للأذى حاميًا للسلام.
فإذا نقلتَ لأخيك ما يكره وزعمت أنّك صادق فاعلم أنك ما صدقت بل خدعت ما نصحت بل جرحت ما خلّفت أثرًا طيبًا بل حفرت في قلبه أثرًا مؤلمًا.
كم من كلمةٍ سقطت من أفواه الناس ثم التقطتها يد (الوفيّ)  فغرسها في قلب من يحبّ
أيّ وفاءٍ هذا الذي يطعن باسم الصفاء؟
وأيّ إخلاصٍ ذاك الذي يزرع الحنظل في صحراء الودّ ثم يدّعي أنه الماء؟
قال الله تعالى: (ولا يغتب بعضكم بعضًا أيحبّ أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتًا)
فكيف بمن نقل لحم الغيبة إلى أخيه وجعل منه وجبةً مسمومةً على مائدة الشعور؟
من مشاهد الواقع:
• صديق يعلم أنّ صاحبه يأنف من التهم ويضيق بالظنون فينقل إليه من قال: (أنت منافق)  فيمزّق سكينة روحه.
• أخٌ يخبر أخاه بأنّ فلانًا يرى فيه العجز والفشل رغم علمه أنّه يقاوم الشكّ بالنفس كل صباح.
• زميلٌ ينقل تعليقات الناس عن الشكل أو الأصل أو الصوت ويظن أنه صدوق وهو في الحقيقة سفير للخذلان.
• فتاة تقول لصديقتها: (أحبك وأريدك أن تعرفي من يعاديك) فتهدم بذلك جدار الثقة وتغرس الشك في كل نظرة.
يا ناقلَ السهام رويدك
إن كنت محبًّا حقًّا فاصنع من قلبك ترسًا لا جسرًا للغدر.
وإن سمعت ما يؤذي أخاك فإمّا أن تُنكر على القائل أو تُنكر على نفسك أن تكون حاملًا لما يُكدّر الصفو ويكسر الخاطر.
فالصمتُ في مقام الأذى بلاغة والحفاظ على القلوب أمانة.
في زمنٍ ضجّ بالكلام وافتقر إلى الكِرام كن أنت لسان العدل لا صدى للظلم.
كن ظلًّا باردًا في صيف القلق لا ريحًا تذرو الرماد في العيون.
ختاماً
المحبّة الصادقة لا تنقل الكلام بل تحرس القلوب من الانهيار.
فاختر أن تكون بلسمًا لا سهمًا.
وكن سترًا لأخيك لا سطرًا في جرحه.
كن سلامًا لا سِلَامًا مزيّفًا.

كاتب رأي وإعلامي

سويعد محمد موسى الصبحي

كاتب رأي وإعلامي رياضي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى