كُتاب الرأي

(بندر عباس ومرفأ بيروت )

محمد سعد الربيعي

(بندر عباس ومرفأ بيروت )

ماحدث في ميناء بندر عباس من تفجير كبير إستمرت أثاره ونيرانه لما يزيد عن اسبوع ، وكذلك تدميره ، وعدد الضحايا التي تجاوزت الألف بين قتيل وجريح حسب المصادر الايرانية ، والاعتقاد السائد أنها تجاوزت هذا العدد ، ولكن تلك الجهات الايرانية لاتريد أن تكون  شفافة في نقل حقيقة ماحدث !  ، خاصة ونحن نعرف أن هذا النظام  يعمد الى عدم الوضوح في مثل هذه الحوادث وغيرها التي تستهدف أمنه ، وكيفية تعامله مع المستجدات التي تتوالى على ايران تحديداً ودورها في المنطقة .
ماحدث في ميناء بندر عباس يذكرنا بالتفجير المؤلم الذي حدث في مرفأ بيروت ، وما صاحبه من تدمير على مستوى كبير للعاصمة اللبنانية بيروت ، وفقدان الكثير ، وإصابة العديد من الأبرياء اللبنانيين ، وضاعت تلك القضية ، ولم تشر  أصابع الإتهام ! لتلك الجهة التي نفذت التفجير ، أو كانت سبباً فيه ، بل أُوقفت كل التحقيقات من أجل تمييع القضية وتسجيلها ضد مجهول ! ورغم كل المحاولات التي تجري من الحكومة اللبنانية الجديدة بإعادة فتح ملف التحقيق مرة أخرى لمعرفة الجهة التي نفذته، أو تقف خلفه وخلف تداعياته تلك المرعبة ، ولكنها الى الان لم توفق ووجدت بعض الجهات التي وقفت في وجه كل تلك الجهود لتحديد المتهم أو من نفذ ذلك!  .
بالطبع كل أصابع الإتهام ، وكل لبناني هناك يعرف أن حزب الهالك زميره هو من يقف خلف ذلك التفجير الارهابي الكبير ، وغيره من الحوادث الارهابية التي بُلي بها لبنان ومنها اغتيال السيد رفيق الحريري عام 2005 م ، وماحدث من مراوغات في التحقيق في تلك القضية وغيرها  ، أقول حتى أن اختفت مع تقادم الزمن عليها ، وحُفظت في أدراج التحقيقات مع ما كان يقوم به الحزب من إغتيال لشخصيات قيادية لبنانية كانت ترى في الحزب ، وقيادته العميلة لايران خطورة على مستقبل لبنان السياسي .
لن أذهب بعيداً في وصف حالة زميره وحزبه في لبنان ، وماكان يُخطط له في تحويل لبنان الى جمهورية اسلامية تتبع ايران ، وتكون ذيلاً كبيراً لها في المنطقة بعمالة بعض السياسيين اللبنانيين لايران وحزبها في لبنان ، وعلى رأسهم نبيه بري الذي يمثل ولازال خطورة كبيرة على لبنان وسياسته الداخلية والخارجية ، الى جانب سوريا بقيادتها السابقة التي كانت تُعد رأس حربه لهذا النظام الايراني المُدمر في المنطقة ، وهذا ماتحدثت عنه في مقالات سابقة وكثيرة عن هذا الحزب وقيادته ، وكذلك الدور الايراني في المنطقة ، ولن أعود لذلك في هذا المقال الذي يتعلق بتفجير ميناء بندر عباس.
ماحدث في هذا الميناء رغم نفي الجهات الايرانية بعدم وجود آيادي خارجية في تنفيذه ، ولو أخذنا بماذهبت له ايران عن أسباب ذلك التفجير  من أنه بأسباب وجود مواد كيميائية ! أو إهمال من الجهات في الميناء نفسه ، لوجدنا أن كل تلك التبريرات واهية ولاتمثل الأمر الواقع الصحيح لتلك الحادثة .
أن ايران لاتزال تعمل وفق برامجها التدميرية في المنطقة ، حتى ولو أرخت رأسها للعاصفة الترامبية الحالية ، فهي لاتزال تؤثر في الساحة اللبنانية ، ولاتزال تؤثر في اليمن ، وتدعم الحوثة هناك عبر تهريب الأسلحة ، ووجود الخبراء هناك ولو إدعت بسحبهم ، لاتزال عمليات التهريب تتم عن طريق البحر ، وعن طريق سلطنة عُمان التي للأسف يظهر دعمها للحوثيين منذ بدء احتلالهم لليمن ، وقبل ذلك أيضاً حيث نراها الراعية لهم بعد ايران وربما قبلها ! ولاتزال ( ايران ) تؤثر في الساحة السورية مالم تتنبه له القيادة الجديدة هناك.
ولذلك ستقوم ايران بالتماهي مع المحادثات الحالية مع الادارة الامريكية الجديدة ، وستعمل وفق محادثاتها السابقة 5+1 والتي استطاعت من خلالها الخروج من عنق الزجاجة ، والضحك على اوربا وامريكا عندما كان يمثلها عن الأخيرة في تلك المحادثات جون كيري الذي استطاعت ايران خداعه ، أو شرائه لتنفيذ برنامجها النووي ، وحصلت على ماحصلت عليه من أسرار نووية قد تكون إنتهت من خلالها من صنع قنبلتها النووية من خلال تلك المحادثات أقصد 5+1 بذلك التماهي ، ومراهنتها على الوقت لتصل لبرنامجها النووي .
مايحدث الآن مع الادارة الجديدة الامريكية هو إعادة السيناريو ذاته الذي تجيده (ايران )وتجيد اللعب على أوتاره ،ولكن بطريقة أخرى حيث هي تجيد المراوغات ، وخلق البدائل وإستغلال الوقت حتى إنقضاء فترة ترامب ذات الاربع سنوات القادمة وفق مراهنات لديها مع من يحكم امريكا مستقبلاً ، لتستطيع أن تعلن عن نفسها بأنها أصبحت قوة نووية ، وعندئذ تفرض نفسها دولياً وإقليمياً .
وعلى وفق كل هذه التطورات ، ووجود لوبي لها في واشنطن وتقويته ودعمه ، وشراء الذمم الذي تنجح فيه ايران بإمتياز  ، ستعبر ايران الفترة الترامبية وبأقل الخسائر .
أما عن حادثة ميناء بندر عباس ، أقول إنما حدث هو استهداف من اسرائيل التي تعمل لتقويض أهداف ايران ليس جميعها ! ، ربما تريد منع حصولها على أية قوة نووية ، ولكن ومع هذا هل تستمر اسرائيل في السير في تحجيم الدور الايراني في المنطقة ، أم أن كل مايحدث هو مجرد ذر رماد في العيون ، وأن اسرائيل وايران هما فقط وجهين لعملة واحدة في المنطقة ، وأن مايحدث هو مجرد تقليم أظافر ايران ، ومنع تجاوزها للدور المرسوم لها من بعض القوى العالمية الاستعمارية ، وتكليف اسرائيل بالانابة عنها للقيام بهذا الدور التأديبي لايران ! .
نعم هذا هو المتوقع بل المؤكد ، وان على دول المنطقة ، وخاصة دولنا العربية الحذر من ايران ، ودورها الاستعماري الخبيث ، والحذر أيضاً من ذيولها ، والعمل على بترها قبل استفحالها لأن ايران لن تتغير فهي كالحية الرقطاء ذات الملمس الناعم والسم القاتل ،،

كاتب رأي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى