كُتاب الرأي

نحو تمكين المدرسة

 

الخطوة التي خطتها وزارة التعليم خلال الفترة الماضية ، خطوة هامة وجريئة ، تحسب لها ، وتسجل منعطفًا ضروريًّا في تاريخها للنهوض بالمدارس على وجه شمولي وبالعمليات التعليمية والممارسات الإشرافية بشكل خاص، كونها أتاحت لمدراء المدارس العمل على تلك الأساليب التي كانت مسندة للمشرفين التربويين ويقودون دفتها من الخارج ، ولكن كان للمسؤولين فيها نظرة مغايرة عن ذي قبل هم بالتأكيد درسوا واقع المدارس في السنوات الماضية ،بحكم التصاقهم ومعرفتهم بما يحدث من عمليات داخل الميدان التربوي وعن عمل المشرفين التربويين ، فأصبحت منطلقات العمليات في النموذج الإشرافي الحديث تتم من داخل المدرسة ، والإشراف على تلك العمليات تم إسناده لمدير المدرسة وفق ضوابط وشروط ليست سهلة ، فالتمكين الذي يعمل عليه المسؤولين في الوزارة قطعًا ليس مأنوس ولا سائغ ،إنما هو عمل واعد سيواجه تحديات، ويحتاج إلى جهد كبير ومنظم ينبغي على مديري المدارس من الجنسين إدراك هذا الشيء جيدًا ؛ لهذا أنا هنا اليوم لأجل تسليط الضوء على أداة هامة يتعين على مديري المدارس التنبه لها وعدم إغفالها ، فلا يعني أن تُرفع يد المشرف التربوي عن التدخل في الأساليب والممارسات الداخلية أن يترك مدير المدرسة بلا رقابة أو متابعة ! بل يجب أن يكون هناك فرق دعم ومساندة تعاونه طبقًا للتصنيف الذي صدر لمدرسته من هيئة تقويم التدريب والتعليم، فمن كانت مدرسته واقعة في نطاق التهيئة والانطلاق في الأداء العام وعمليات التعلم والتعليم ونواتج التعلم فمن الضروري أن يكون هناك تدخلاً جوهريًا على العمليات التي تمارس داخل المدرسة، عمليات سريعة من المسؤولين في إدارة التعليم والوحد الإشرافية التابعة لها لمعالجة القصور بتقديم الاستشارة اللازمة.
أما وإن كان تصنيف المدرسة جاء في مركز المتقدم والمتميز في الأداء العام وأيضا في نواتج التعلم وفي عمليات التعلم والتعليم فالممارسات تعتبر في الطريق الصحيح ويلزم المدير الاستمرار في تعزيز ما وصلت إليه مؤسسته ثم الانتقال نحو الإبداعية والابتكارية ولا يتوقف بل يقع عليه ثقل آخر للوصول إلى المستهدفات التي رسمها مع فريق عمله المتمثل في لجنة التميز أهمها:
*/ تحليل البيئة الداخلية للمدرسة تحليلاً دقيقًا طبقًا لتحليل سوات ومتابعة تنفيذ الأهداف التفصيلية مع فريق العمل والابتعاد عن العشوائية في التنفيذ.
*/ العمل على قيادة عمليات التعلم والتعليم في ضوء الأهداف التعليمية وتوفير المناخ الآمن للتعليم والنمو النفسي والاجتماعي للطلاب ومنسوبي المؤسسة التعليمية.
*/نشر قواعد السلوك والمواظبة ومتابعة تطبيقها، والعمل على نشر ثقافة الالتزام بقيم مهنة التعليم وأخلاقياتها بين العاملين ومراقبة نموها وازدهارها، كما يقع على كتف مدير المدرسة مهام جسيمة حتى يستطيع ممارسة عمله بشكل مهني أكثرها رواجًا القدرة على التحليل الإحصائي وقراءة النتائج هكذا يكون بمقدوره القيام بدور المشرف والمدير بتوازن.
إن امتلاك مدراء المدارس للمهارات اللغوية واللفظية ومهارات الاستماع والإنصات وأدب الحوار، والقدرة على التمكن من التواصل غير اللفظي وأهمها البشاشة في تعابير الوجه عند مقابلة الآخرين وامتلاك المهارات الاجتماعية اللازمة واحدة من أهم عناصر التمكين التي ينبغي عليه استعمالها في أساليبه الداخلية والخارجية مع ضرورة الانفتاح على الخبرات الجديدة ، وأن يكون موضوعيًا في طرح الآراء وتقبل النقد ، واستثمار وبناء العلاقات ، وامتلاك الصلابة النفسية وتوفر الدافعية والطموح، وتقدير الذات والثقة بالنفس ، والقدرة على تعزيز الصحة النفسية ، وضبط الانفعالات في المواقف التي تتطلب ضبط النفس.
إذن المدرسة قادرة على تنظيم المعرفة وتوظيفها لتصبح منطقية في حل المشكلات متى توفرت عند المدير المبادئ التوجيهية للنموذج الإشرافي الجديد ،وقرأ الدليل التنظيمي ، ودليل المهام والأهداف ، واعتمد على تقارير التقويم المدرسي الداخلي والخارجي للدفع بالمدرسة نحو الاستقلالية وامتلك كفايات التفكير الذهنية العلمية والنقدية والإبداعية وحل المشكلات بالأساليب العلمية وأبدى الرغبة والقدرة في قيادة فرق العمل مع الإلمام بطرق إدارة الأزمات وبناء الخطط التشغيلية وصياغة الأهداف الإستراتيجية وصناعة الإلهام في نفوس العاملين ، هذا سوف يمكنه من القيام بكل الممارسات ولكن أيضا ذلك يتطلب تكامل الممارسات التعليمية والإشرافية والإدارية ضمن سياق واقع داخل مؤسسته التربوية، بالطبع هذا سوف يعمل على تطوير قدراتها الذاتية وتطوير أدائها بالتعاون بين منسوبيها.
ختامًا/ رحلة مدير المدرسة ليست سهلة كما يعتقد البعض، هناك موجهات عديدة للوصول إلى التمكين إذا ما أراد الحصول عليه وقيادة عمليات التعلم بصورة مستقلة ، يتعين التركيز بالعمل تنظيميًا على متابعة نواتج التعلم والتحصيل الدراسي للطلاب من خلال الاجتماع الدوري بالموجه الطلابي واللجنة الخاصة في التحصيل والاطلاع على الأعمال المنجزة والخطط، ودعم الأنشطة المدرسية وربطها بالأنشطة والأهداف التعليمية هذا يضمن فاعلية الأنشطة في تحسين مهارات وقدرات الطلاب ونواتج التعلم وتطوير مستوى العاملين مهنيًا وحثهم على الحصول على الرخصة المهنية والالتحاق بالدورات التدريبية وتصميم برامج مناسبة لرفع مستوى التعليم ، وحث المعلمين على إعطاء دروس تقوية من خلال المنصات التعليمية ، ثم العمل على تحسين بيئات التعلم وتهيئة الأجواء الملائمة للإدارة الصفية، بعدها يأتي القيام بتعزيز سلوك التعلم العميق لدى المتعلمين وتحفيزهم نحو التعلم الذاتي.

علي بن عيضة المالكي
كاتب رأي

علي بن عيضة المالكي

كاتب رأي وإعلامي

‫6 تعليقات

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    ما شاء الله تبارك الله
    الأستاذ الإعلامي المبدع
    علي بن عيظة المالكي
    أحسنتم أحسنتم أحسنتم
    وفقكم الله تعالى لما يحبه ويرضاه
    وإلى الأمام دائما وابدا…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
الذهاب إلى الواتساب
1
م حبا أنا سكرتير رئيس التحرير
مرحبًا أنا سكرتير رئيس التحرير وأنا هنا لمساعدتك.