كُتاب الرأي

بايدن وإيران

اللواء/ محمد سعد الربيعي

التعاطي الأمريكي من خلال هذه الأزمة بين إسرائيل وإيران نتيجة قصف الأخيرة لبعض المواقع الإسرائيلية على إثر نفوق نصر اللات واغتيال هنية كما تدعي إيران.

أقول: يُلاحظ على التعاطي الأمريكي محاولة تهدئة إسرائيل، بل محاولة إقناعها بعدم الرد على إيران، واعتبار ما قامت به إيران هو كافٍ نتيجة اغتيال نصر اللات، وأن لا تتخذ إسرائيل ردوداً قوية من حيث استهداف منشآت إيرانية بترولية أو نووية، متذرعةً أمريكا بأن ذلك في حالة نشوبه سيؤدي إلى حرب شاملة في منطقة الشرق الأوسط.

بالطبع، الموقف ليس بغريب على الحزب الديمقراطي الذي يحكم أمريكا اليوم، ومن المعروف أن الرئيس الأمريكي السابق (أوباما) ووزير خارجيته (جون كيري) كان لهما دور مباشر في مساعدة إيران وتحقيق برنامجها النووي ضمن اتفاقيات 5+1 التي أخذت في المراوحة لسنوات عديدة. استطاع من خلالها النظام الإيراني المراهنة على الوقت، ونقل المفاوضات من مكان لآخر، باحترافية متناهية في المماطلة والتسويف، وبالتالي الوصول إلى تجهيزات متقدمة في برنامجها النووي. هذا ما حدث نتيجة الدهاء الفارسي، والتماهي الديمقراطي الأمريكي في الوصول لتلك النتيجة التي تمكنت منها إيران في تحقيق ما ذهبت إليه في برنامجها النووي.

اليوم، نرى الخسائر البشرية في الجنود الإسرائيليين على طول الشريط الحدودي في الجنوب اللبناني، نتيجة تقدم الجيش الإسرائيلي لدخول المنطقة الملتهبة في الجنوب، والتي تعد المكان المناسب لتعاطي حزب إيران مع ذلك التقدم الإسرائيلي، واشتباكهم في المناطق الحدودية المعروفة طبيعتها جيداً لديهم. من المؤكد في ظل هذه الأحداث أن الجيش الإسرائيلي وضع في الحسبان هذه الخسائر التي يتعرض لها نتيجة توغله، وهو الأمر الذي لن يمنعه من الاستمرار في التوجه لدخول لبنان، مهما حدث من خسائر قد تلحق به، لأنه في النهاية قد اتُخذت قرارات عسكرية إسرائيلية حاسمة للقضاء على حزب إيران.

ما يتعلق بالرد على إيران، ستنفذه إسرائيل وسيكون موجعاً لها (إيران)، ولكنها قد تتريث قليلاً (إسرائيل) حتى الانتهاء من الجنوب ودخول لبنان، وإسرائيل لن تأخذ بنصيحة بايدن إطلاقاً، خاصة وأن الحزب الحاكم في أمريكا كان مغيباً عن بعض القرارات التي اتخذتها إسرائيل في حربها الحالية، ومنها اغتيال نصر اللات التي كان سيعارض بايدن تنفيذها.

إسرائيل لن تتراجع في الذهاب بعيداً في حربها مع إيران وحزبها في لبنان، وستكون الخسائر فادحة في الجانب اللبناني، وخاصة إن توالت الخسائر البشرية في الجيش الإسرائيلي التي لن تمنعه من تحقيق أهدافه، وهي القضاء على الحزب ما لم يطرأ جديد على الساحة تكون نتائجها لصالح الجانب الإسرائيلي، وهو ربما أن تقوم إيران ببيع الجنوب اللبناني لإسرائيل في صفقة قد تحمي برنامجها النووي من الاستهداف.

الاحتمالات كثيرة، والوقائع ستكون موجعة، ولبنان هو الخاسر الأكبر، حيث نقلت إيران حربها مع إسرائيل لخارج أراضيها، وهو ما تقوم به مع أذيالها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، التي من المتوقع أن تتلقى صفعات كبيرة ومؤثرة من إسرائيل نتيجة تهور المكون الحوثي في اعتقاد أنه يستطيع مصارعة الكبار، وسيكون هو المتضرر الأكثر بعد إيران ولبنان.

أمريكا لن تتدخل لإيقاف إسرائيل، لأنها لا تستطيع الآن إيقاف تقدمها في لبنان، وكذلك ضربها لإيران، ولن يكون لأمريكا دور في اختيار الأهداف التي ستقصفها إسرائيل في إيران، بل ستجد أمريكا نفسها مضطرة لتقديم كل المساعدات اللوجستية والعينية لإسرائيل من أجل إكمال مهمتها، وذلك لاعتبارات سياسية كثيرة، لعل أهمها الآن هو دخول المعترك الانتخابي بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وهو ما يتنافس عليه الحزبان للحصول على رضا الدولة العميقة في أمريكا!

كاتب رأي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى