كُتاب الرأي
( ايران وبرنامجها النووي)

محمد سعد الربيعي
( ايران وبرنامجها النووي)
نشرت صحيفتنا آخر أخبار الأرض مقالات عديدة تطرقت فيها للدور الايراني الخطير في المنطقة ، وماتقوم به من توظيف كوادر مؤدلجة ينتمي البعض منها للفكر الشيعي المتطرف ، والآخر عبر توظيف أطراف تشتريها حكومة ايران وتحتويها بالمال حتى أن يتم السيطرة عليها بالترغيب أو الترهيب وهو ما أُطلق عليه ذيول ايران في المنطقة .
كما تطرقت في الكثير من المقالات لبرنامج ايران النووي ، وقدرة هذه الدولة في الإلتفاف على كل قررات الأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية في برنامج تخصيبها النووي ، وذكرت قدرتها في الالتفاف على كل القرارات الدولية التي وقفت خلفها دول 5+1 ، وكيفية استطاعتها الخروج من عنق الزجاجة في تلك الفترة ، وحققت كل ماذهبت له ضمن برنامج تخصيبها لليورانيوم ، وقدرتها أيضاً في إستمالة رئيس الوفد الامريكي حينذاك جون كيري الذي خدعته ايران أو أنها استطاعت احتوائه لجانبها في تخصيب اليورانيوم وسكوته على تصرفات ايران ، وهو بالتالي ما أدى لتضاعف القدرة الايرانية في برنامجها ذلك حتى أن أتت الإدارة الجديدة في امريكا ( ترامب ) الذي يعرف مدى خطورة ايران وبرنامجها النووي ، وتهديدات ترامب لحكومة طهران الخ ما وصلت له المحادثات الجانبية بين الطرفين حالياً .
هذه مقدمة للمقال الذي سوف أذهب فيه الى أن ايران لن تسلم نفسها أو برنامجها وتخصيبها لليورانيوم للوكالة الدولية للطاقة الذرية ، لأن ايران لديها القدرة كما أسلفت في الإفلات من نتائج الاجتماعات التي تجري بهذا الخصوص ، بعدة طرق وأساليب كثيرة ينجح فيها الجانب الايراني المتمرس خلف هذه الاجتماعات ، بالإضافة لقدرته في التسويف ، واللعب على وتر الوقت ، وذلك كإستغلال مرتب لما بعد هذه الحكومة الجديدة في امريكا ، حيث يراهن الجانب الايراني على تغير القيادة في امريكا ، ومن ثم لكل مقام مقال كما يقال! .
ولعل ما يؤكد صدق ماذهبت له في كل تلك المقالات وهذا أيضاً ، وما سيضاف في هذا الشأن مستقبلاً هو الاجتماعات الاخيرة بين وفدي ايران وأمريكا التي عقد أولها في مسقط ، ثم روما ، وروما أيضاً والتي تنازلت فيها امريكا نوعاً ما عن إصرارها على موقفها من تدمير معامل التخصيب الايراني ، أو على الاقل يكون برنامجاً سلمياً ، وبدأت امريكا تتزحزح قليلاً قليلاً عن موقفها المتصلب السابق ، ومن ذلك الرجوع عن إستهداف تلك المواقع النووية الايرانية ، وهذا ما أعطى الجانب الايراني القدرة في المراوغة التي يجيدها هذا الجانب وينجح فيها بإمتياز .
اليوم سمعنا من القاهرة وزير الخارجية الايراني عراقجي وهو من يرأس وفد ايران في اللقاءات مع الجانب الامريكي أن ايران لن تتنازل عن حقها في تخصيب اليورانيوم ، وأنها لن تصغي للضغوط الامريكية في هذا الخصوص ، وقال أيضاً وهو ماتواصل فيه ايران سردياتها الكاذبة انها تعمل على تخصيب يورانيوم ( سلمي ) وهذا ما لا يجب أن يصدقه الجانب الامريكي والعالم ! حيث يغلب عليهم طابع المصداقية أو الغباء كما يتصوره الجانب الايراني ! ، بينما يعده الجانب الايراني إحدى خدعه وممارساته ! ومراوغاته في تمرير تلك المزاعم الكاذبة! وتمترسه خلف مواعيد ومماهاته ، وربما تغيير أعضاء وفودها من حين لآخر ليس الا من أجل كسب الوقت ، والمراهنة على المراوغة التي يجيدها وفد ايران ، وهي عقيدة لديهم ويتصفون بها ، وهو عدم قولهم الحقيقة ، أو الإلتزام بموقف يكون من الحلول التي قد يلجأ لها الطرفين ، (لايموت الذيب ولاتفنى الغنم) ! وايران لاتلتزم بشيء ولا تعترف بشيء ، وتعمل وفق دينامكية تصل في نهايتها لتضييع الجانب الامريكي ، وإغراقه في تصورات لايمكن تصديقها ، وهذا ما ترغب فيه طهران ، وتريد ايصال محادثاتها مع الجانب الامريكي اليه .
أقول أنه يجب على الجانب الامريكي الحذر من التعامل مع ايران وفق كل تلك التصورات التي يضعها الوفد الايراني في برنامج محادثاتهم ولقاءاتهم التي ستتكرر ضمن طروحات ايرانية تقربهم حيناً وتعيدهم حيناً آخراً لبداية لقاءاتهم ، فمرة سيطالبون بضمانات امريكية من اجل الوصول لحلول وسط ، وأخرى سيطالبون بتخصيب سلمي ، وهذه أكبر كذبة في التاريخ وخاصة عند تصديق الجانب الامريكي لهذا الطلب ، ومرة سيقولون نحن دولة مهمة في الشرق الاوسط ومن حقنا إمتلاك طاقة نووية سلمية ، وفي نهاية المطاف سيغرق الجانب الامريكي في هذه المحادثات ، وستكبر الملفات ، والقضايا ، وهي لعبة ايرانية لتطفيش الجانب الامريكي ، وربما يلجأ الى تخفيض مستوى مندوبيه في لجان هذه القضية ، وهو هدف ايراني يسعون لتحقيقه ، وبالتالي يستطيع الجانب الايراني تحقيق هدف رئيسي له وهو تفويت الحل الجذري للقضية ، وعقد لقاءات غير مهنية أو تتصف بالكسل ( الملل) تدخل فيها المراهنة على حلول وقتية يستغلها الجانب الايراني ، ويتنصل منها لاحقاً بين اجتماع واجتماع آخر!
ما أود الذهاب له هو أن على دول المنطقة ، وخاصة الخليجية ومنها المملكة عدم تصديق الرواية الايرانية فيما يتعلق بأن برنامجها سلمي ، لأن ذلك أكذوبة. ايران دولة عدوة ، لديها أهداف توسعية ، إضافة لعداء نظامها السياسي للإسلام والمسلمين ، وما يتناوله عراقجي هو ذر رماد في العيون من خلال تصريحاته عن المملكة ومصر ، وغيرها من الدول التي زارها ، ويحاول أن يكسب أصواتها ضمن أطروحاته في لقائه بالأمريكان، كما أن على الامريكان أن يتعلموا من خلال محادثات 5+1 ومانتج عنها من تسارع في تخصيب اليورانيوم الايراني ، وأن لايعيدوا التجربة مع ايران وفق تلك العجلة المستديرة الايرانية التي تبدأ وتنهي في نقطة واحدة وبدون نتائج محققة وناجحة ، كما أن عليهم الحذر أيضاً من إطالة برنامج هذه اللقاءات التي تراهن طهران عليها ، وأن تكون هناك جدية وفق سقف زمني توضع فيه النقاط على الحروف في إذعان طهران للرغبة الدولية ومنعها من الحصول على برنامج نووي تدميري في المنطقة ،،،