النعم الكبرى

حقيقة الوجود هو حقيقة النعم والنعم العظيمة على كل الموجودات من العوالم المختلفة والمتباينة، والمتكاملة في آن واحد ، فهنا عوالم الجمادات وهناك عوالم النباتات وهذه عوالم الحيوانات وتلك عوالم البشرية العظيمة ، في أنظمة طبيعية مضطردة وفطرية ومتكاملة .
وأولو الألباب ينظرون إلى تلك المكونات الرئيسة والأساسية من مكونات هذا الكون وهذا الملكوت العظيم ويتفكرون ويتدبرون ويجولون بما وهبهم الله تعالى ومنحهم وأمدهم في رحلة عامة وشاملة في الكون والحياة الطبيعية الجميلة والإنسان الكريم ، ليصلوا إلى كرائم ونفائس النعم الكبرى والفضلى التي أمتن بها الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور الحي القيوم ذي الجلال والإكرام على الكون والحياة الطبيعية الجميلة والإنسان.
من تلك النعم الكبرى والمحاسن الفضلى :
اولاً: نعمة الإيجاد والوجود :
إن واجد الوجود وخالق الخلق وجميع المخلوقات والموجودات والكائنات هو تبارك وتعالى خلق واوجد نعمة منه وتفضلا منه وكرما منه وجودا منه وعطاء سخياً ومقاما عليا منه تبارك وتعالى.
إن نعمة الإيجاد والوجود والخلق والحياة هي من النعم الكبرى والفضائل العليا على جميع الموجودات والمخلوقات والعوالم الحية وغير الحية .
المعلوم أن جميع المخلوقات والموجودات والكائنات تعترف للواجد بفضل الوجود والخلق ، وحسن الإحسان والإفضال فتجعل من سلوكها وتصرفاتها عند امتثال أوامره فيها اعترافاً وشكراً للباري الخالق الواجد الماجد على كآفة نعمه وفضله وكرمه ومننه .
ثانياً: نعمة الإمداد والعطاء :
وهذه من النعم الكبرى التي يسبح فيها الخلق والمخلوقات والعوالم الحية كلها ؛ فقد أمدهم الخالق العظيم بجميع الأدوات والوسائل التي تسعدهم في الحياة الدنيا ، فالأسماع والأبصار والعقول والأفهام والإدراك والإحساس والشعور والزوجات والأزواج والأولاد والمساكن والمراكب والأموال والأمن والأمان والاستقرار والهدوء والسكينة والراحة والسلامة وما خلق لهم من الدنيا ، والدنيا نفسها كلها من مدد الله تعالى .
وهناك من الإمداد والعطاء الظاهر الذي يراه ويبصره الخلق ، ومن الإمداد والعطاء الباطن الذي يدركه الخلق ببصائرهم ، إن هم أدركوا ذلك وفهموا تلك النعم أنها من مدد الله تعالى لهم .
ثالثاً: نعمة الإرشاد والدعوة .
إن الله تعالى خلق الجن والإنس وجعل في نفوسهم وقلوبهم وأرواحهم الخير والفضل والصلاح والبركة والهداية والطيب والطيبة
وفطر الفطر السليمة المباركة العظيمة على الخير والفضل، وعرض تبارك وتعالى على تلك النفوس البشرية والأرواح الآدميّة الخير والفضل والصلاح والبركة .
وجعل تبارك وتعالى الخير والفضل العظيم والصلاح والبركة من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ومن فوقهم ومن تحتهم ، كلها نعم عظيمة وفضائل كريمة .
وقد دلّ وأرشد وهدى تبارك وتعالى الجن والإنس لكل ما يسعدهم ويوفقهم ويحفظهم في الحياة الدنيا والآخرة ، وغرس فيهم القدرات والطاقات والمواهب والملكات العالية على اختيار الخير والفضل والصلاح والبركة والتوفيق لهم ، وهذا غاية الشريعة الإسلامية والتكليف العادل منه تبارك وتعالى.
رابعاً: نعمة الإسعاد في الدين والدنيا :
وهذه النعمة من النعم الكبرى والفضائل العليا التي أمتن الله تبارك وتعالى بها على الإنسان العاقل الكيس الفطن اللبيب ؛ فقد اختار تبارك وتعالى لعباده الطريق الذي يكونوا فيه سعداء في الدنيا وسعداء في الآخرة .
فالتعاليم الواردة عن الله تعالى في كتبه وعلى ألسنة رسله عليهم الصلاة و السلام كلها هي الخير والفضل العظيم والسعادة والأمل والحبور والسكينة والراحة والسلامة للمخلوقات من الجن والإنس .
واختيار الجن والإنس العمل بتلك الكتب والهدايات السماوية بعد الإيمان بها جميعاً هو السعادة الحقيقية لهم في الدارين.
والتعاليم المخلوقة في مخلوقاته وموجوداته وفهم تلك التعاليم والقوانين والسنن والعمل بها وتطبيقها في الحياة الدنيا هو سر السعادة والتفاؤل والسرور والفرح والأمل والوصول إلى الخيرات والبركات والمسرات والعطايا السماوية.
خامساَ: نعمة إن الله تعالى هو الله تعالى .
هذه أجل النعم وأكرم وأحسن النعم أن الله تعالى هو الله تعالى ، فالله تعالى الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق الباري المصور الحي القيوم ذي الجلال والإكرام الذي له الكمال والجلال والجمال والنوال ، وله الملك وله الحمد ، وهو الأول بلا ابتداء وهو آخر بلا إنتهاء ، لا أول لوجوده ولا آخر لابديته ، حي دائم ، قيوم قائم ، رحمان رحيم.
هو الله تعالى الذي يملأ الإيمان به القلوب والعقول والأرواح والألسنة والأسماع والأبصار والحياة الإنسانية والحياة الدنيا كلها ووجوده في الحياة البشرية هو السعادة الحقيقية للإنسانية. وتتغير في الإيمان بهذا الوجود كل القناعات والثقافات والمعارف والمهارات والقيم والأخلاق والعادات والتقاليد.
المستشار الأسري الدكتور
سالم بن رزيق بن عوض.