كُتاب الرأي

الناقمون

 

أحيانا ً كثيرة يقع المرء فريسة سهلة لفئام من الناس قد يكونون من أقرب الأقارب وقد يكونون من الأصدقاء الذي يراهم أوفياء وأصفياء
لكنهم يحملون الميكروبات والجراثيم السامة في قلوبهم ويظهر ذلك كله على ألسنتهم وفي تصرفاتهم وسلوكياتهم الحياتية حين يقفون تلك المواقف التي تظهر عوارهم وأسرارهم .

في بعض الأحيان لا يحتاج المرء حقيقة إلى الفطنة والذكاء الوقاد حتى يتعرف على هؤلاء الناس ؛ فالجواب يظهر من بداياته وعنوانه كما يقول العوام من الناس ، فهم يكشفون أنفسهم بأنفسهم على أنهم كاذبون ومنافقون ومتكبرون وحاسدون وناقمون !.

المرء الذي يرى جوانبك أمامه الإيجابية الفاضلة والسلبية السيئة ومع ذلك لا يرى فيك عند اللقاء والاجتماع به إلا الخير والجوانب الإيجابية الطيبة الجميلة؛ فإذا برز من عندك تعرض لك بكل قبيح ، ووصفك بكل كلام بذيء ، وتحدث عنك بكل وقاحة ولم يراع فيك الصحبة والأدب . والأكل والشرب والملاطفة والمعايشة .

هناك فئام من الناس لا كثرهم الله تعالى لا هم لهم ولا عمل لهم ولا شغل لهم في الليل والنهار والصباح والمساء إلا سيرتك في الجوانب السلبية فقط ، فسيرتك العطرة عندهم ؛ بل هي فاكهتم اللذيذة وهي طعامهم وشرابهم ، والعلكة الفاخرة يعلكونها ؛ دون خجل أو أحياء أو أدب أو إنسانية حقيقية .

 

وهم كمال قال الأولون : بعض الناس إذا حضرت فيهم مدحوك ، وإذا غبت عنهم عابوك وحسدوك و اغتابوك !

هؤلاء يصدق فيهم قول الشاعر العربي الكبير عبدالله البردوني:

لدينا ملف عنك : شكرا لأنكم
تصونون ما أهملته من تجاربي !

فهم حقيقة يصنون ويحتفظون بالتجارب والخبرات والخيبات التي توافق أهواءهم وشهواتهم وتحقق ذواتهم المريضة المعتلة في مسارات الحياة الطبيعية السليمة؛ التي تصرخ في وجوههم وعقولهم وقلوبهم وأرواحهم بأن يعودوا إلى طبيعتهم وإنسانيتهم .

الأمر العظيم والأدهى والأمر أن ما يعيبونه فيك ؛ هو فيهم بشحمه ولحمه وطوله وعرضه وأرضه وسمائه . فلديهم الأخطاء والهنات والعظائم والطوائم نفسها !

من صور نقمة الناقمين عليك وعلي وعلى الناس :

أولاً: الناقمون على شخصكم الكريم :

فهؤلاء ينقمون عليكم لما حباكم الله تعالى به من نعمة الخلق والخلق النبيل وهؤلاء لا ينفكون عن النقمة عليكم مهما حصل ،

كونكم بهذه الصورة وهذا الشكل وهذه الأخلاق والفضائل فهم

ينقمون .ومهما سعى المرء في طلب رضاهم وكسب ودهم فلن يرضوا أبدا ، حتى لو أحال المرء نفسه أرضاً فمشوا عليها أو سماء تظللهم فهم مازالوا وسيبقون ما زالت النعم والفضل من الله تعالى سيبقون ينقمون وينقمون ؛ فلو هجرت الأفاعي سمومها وتركت الحوش وحشيتها يبقى الناقمون هم الناقمون..

وشخصكم الكريم الأكرم هو المستهدف من حنقهم وحقدهم وبعضهم وغضبهم ؛ فأنت حقيقة عندهم الخصم الألد الذي سلبتهم سعادتهم وفرحتهم وسرورهم وحظوظهم الدنيوية .

ثانياً: الناقمون على المنصب والمكانة والمنزلة :

هؤلاء أعداء وأصدقاء في آن واحد ، فهم يحبون تلك المناصب والمنازل لهم وحدهم ولا يشاركهم فيها أحد ، فإذا سبقهم غيرهم إليها وهم الأكفاء وفيهم جمعت الصافات والسمات ما فتؤا يغمطونهم ويحقدون عليهم ويكونون ناقمين عليهم ….

ناصبوهم العداء والكره والبغض حتى لدرجة النقمة عليهم .
لكنهم لا يظهرون أمامهم هذه المشاعر والأحاسيس والعواطف بل الذي يظهر منهم الكذب والتملق والنفاق والختل والمديح الزائف.

 

ثالثاً: الناقمون على كل ذي نعمة :

هؤلاء طراز فريد من فئام الناقمين ؛ فهم ينقمون على عباد الله تعالى لكون الله تعالى منحهم تلك النعم ، فإذا رؤوا نقموا وإذا سمعوا نقموا وإذا لمسوا نقموا فهم ناقمون ناقمون ناقمون.

رابعاً: الناقمون إخوان الشياطين:

هؤلاء فئام من الناقمين انسلخوا من إنسانيهم وسلموا أنفسهم لإبليس وأعوانه فهم النقمة نفسها ، فمتى حلوا حلت ؟، ومتى أرتحلوا ارتحلت ؟ وهؤلاء لشدة نقمتهم وإخلاصهم لها لا يكاد أحد يعرفهم لأنهم يأتون إلى الناس في ثوب الناس الناصح الصادق المحب والغيور والذين يشهدون الله تعالى نصحهم وإخلاصهم وهم شياطين إنس وأكبر صورة لهم هي صورة إبليس ودوره في إضلال وغواية الناس .

ولعل الأحداث والوقائع والآلام والأحزان والأتراح التي مرت بنا على المستوى الأسري و الإجتماعي والثقافي والإنساني تكشف أولئك وتعري بعضهم من الأحقاد والوقائع .

المصلح والمستشار الأسري
د. سالم بن رزيق بن عوض.

د. سالم بن رزيق بن عوض

أديب وكاتب رأي وشاعر ومصلح ومستشار أسري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى