رحيق الكلمات

المُعَلَّقَةُ الجُدِّيَّةُ

شعر الدكتور/ يوسف حسن العارف

 

المُعَلَّقَةُ الجُدِّيَّةُ

غَنَّيْتُ «جُدَّةَ» فَاهْتِفْ أيُّهَا الشَّادِي

وَغَنِّ مِثْلِي، فَهَذَا عِيْدُ مِيْلاَدِي

وَهَذِه «جُدَّةُ» الفَيْحَاءُ غانِيَةٌ

تَسَرْبَلَتْ بِالسَّنَا فِـيْ كَفِّ صَيَّادِ

قَدْ أَوْغَلَتْ فِـيْ المَدّى صُبْحاً وقافِيَةً

وَأَوْرَقَتْ بِالنَّدَى مِنْ غَيْرِ مِيْعَادِ

وَأَسْبَلَتْ فِـيْ ظَلاَمِ اللَّيْلِ مِئْزَرَهَا

صُبْحَاً تَنَاهَى عَلَى حَرٍّ وَإبْرَادِ

فَدَيْتُ شَاطِئَهَا بَابَاً وَنَافِذَةً

عَلَى الجَدِيْدَيْنِ فِـيْ جَمْعٍ وإفْرَادِ

*     *     *

«أَهْوَاكِ يَا جُدَّتِي» بَحْراً وَيَابِسَةً

فَفِيْكِ – مُذْ زَمَنٍ – «غَرْسٌ لأَوْلاَدِي»

«أَهْوَاكِ يَا جُدَّتِي» شَطاً وَرَابِيَةً

فِيْهَا سَكَبْتُ مَوَاوِيْلِي وَإنْشَادِي

«أَهْوَاكِ يَا جُدَّتِي» عِلْمَاً ومَعْرِفَةً

حَضَارةً قَدْ بَنَاهَا كُلُّ أَجْدَادِي

عَبْدُالعَزِيْزِ كَسَاهَا ثَوْبَ عِزَّتِهَا

وآلُهُ طَوَّرُوا مَا فِيْهِ إسْعَادِي

المَجْدُ فِيْهَا تَرَاتِيلٌ مُوَزَّعَةٌ

«عَلَى مَشارِفِهِ زَخْرَفْتُ أَمْجَادِي»

فَمِنْ «رُوَيْسٍ» إلَى «الحَمْرَاءِ» نَبْضُ هَوَىً

وَفِـي «قُرَيَّاتِهَا» عَانَقْتُ أَحْفَادِي

وَفِـي «الصُّحَيْفَةِ» آفاقٌ بِنَا رَحُبَتْ

«وَحَارَةُ الشَّامِ» تَحْكِيْ مَجْدَ رُوَّادِ

«والنُّزْلَتَيْنِ» تَسَامَتْ يَوْمَ حَلَّ بِهَا

«آلُ السُّعُودِ» بِقَصْرٍ شَاهِقٍ بَادِي

وَعِنْدَ «بَابِ شَرِيفٍ» مِزْنَةٌ هَطَلَتْ

فَسَالَ مِنْهَا النَّدَى زَادَاً عَلَى زَادِ

اللهُ يَا غَادَةً حَسْنَاءَ هِمْتُ بِهَا

فِـي حُبِّهَا صِرْتُ مَوْثُوقاً بِأَصْفَادِ

يَا مُلْتَقَى الْحَجِّ، يَا بَابَاً لِكَعْبَتِنَا

فِيْكَ انْتَثَـرنَا كَعُبَّادٍ وَزُهَّادِ

«فَمَسْجِدُ الشَّافِعِيِ» بُرْهَانُ عِزَّتِنَا

نُوْرٌ يُضِيءُ عَلَى هَدْي وَإرْشَادِ

«وَبَابُ مَكَّةَ» يُدْنِي كُلَّ سَابِلَةٍ

«وَعَيْنُ يُسْرٍ» تُسَقِّيْ الرَّائِحَ الغَادِي

«وَقَبْرُ حَوَّاءَ» يَحْكِي سِيْرَةً نُسِجَتْ

عَبْرَ السِّنِيْنِ، بِمَاءِ المُزْنِ وَالْكَادِي

*     *     *

«يا جُدَّتِي كَمْ سَكَبْتِ الْحُبَّ بَيْنَ دَمِي»

وَجْداً وَأُنْسَاً وَتَرْنِيْمَات أَعْيَادِي

«وَكَمْ مَعَ اللَّيْلِ أَلْهَمْتِ» النَّدَى رِئَةً

يَنْثَالُ مِنْهَا التَّصَافِـي دُوْنَ إفْسَادِ

«وَكَمْ رَوَيْتِ مِنَ الأَحْلاَمِ عَاطِفَةً»

«بِسَائِغٍ طَابَ حُلْواً في فَمِ الصَّادِي»

«أَهْوَاكِ يَا جُدَّتِي» يَا نَبْضَ قَافِيَتِي

أَهْوَاكِ مَا غَرَّدَ القُمْرِيُّ فِـي الَوادِي

أَهْوَى زَمَانَاً تَوَلَّى فِيْكِ مُرْتَحِلاً

صَوْبَ الْجَمَال بِلاَ طُنْبٍ وَأَوْتَادِ

أَهْوَى ثَرَاكِ وَحُسْنَاً فيك مُؤْتَلِقَاً

أَهْوَاكِ يَا بَسْمَةً فِـي الشَّاطِئ الهَادِي

«أَهْوَاكِ يَا جُدَّتِي» لاَ شَيءَ يُجْبِرُنِي

إلاَّ انْسِكَابَ الْهَوّى مِنْ دُوْنِ أحْقَادِ

*     *     *

إنِّي عَزَفْتُ الْهَوَى فِـي حُبِّ فَاتِنَتِي

لاَ المَالُ يُغْرِيْ وَلَكِنْ حُبُّهَا زَادِي

 

الدكتور/ يوسف حسن العارف

أديب سعودي وكاتب رأي وشاعر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى