الميثاق الغليظ

الميثاق الغليظ
من أرفع الحاجات التي تحتاجها البشرية عند كمال بلوغها وتمام نضجها وإدراك حاجاتها مع تعاقب الأزمنة واختلاف الأمكنة ، الحاجة الشديدة إلى الزواج ، وقضاء الوطر ، والرغبة الفطرية عند النساء للرجال، وعند الرجال للنساء ، و مهما كانت الاحتياجات الضرورية الأخرى متوفر أم غير متوفرة .فالمرأة بطبيعتها وفطرتها ترغب فيما لدى الرجل ، والرجل بطبيعته وفطرته يرغب فيما لدى المرأة ، ومهما حاولت البشرية قديماً وحديثاً في المنع أو إيجاد العقبات الكبيرة في سبيل الزواج ! تظل الفطرة والطبيعة البشرية تصرخ صرخة شديدة حتى تلبى رغاباتها وتشبع احتياجاتها.
الرغبة في بناء الأسرة الكريمة ، وإنجاب الأطفال ، وتربيتهم والعناية بهم ، هو احتياج مبني على احتياج الرغبة في الزواج وإشباعه من الطرفين – المرأة والرجل – والسعي إلى توفير وتذليل كل الصعاب والتحديات وإزالت كل العقبات التي تقف أمام تكوين الأسر وصناعة الأجيال الجديدة حاجة فطرية إنسانية حقيقية سليمة .
واختيار الزوجين الكريمين ورضاهما وقبولهما لبداية مشروع الزواج ، هو أول خطوة في تكوين الأسرة الكريمة السعيدة ، أو أول لبنة في بناء شامخ كبير تظلله سماوات الرحمة والرأفة والمودة والحب والعطاء والتعاون والتفاؤل والأمل والتغافل والسعادة والسرور والبهجة والحبور والفرح وديمومة الإهتمام وشريان الإحترام والتقدير بين الطرفين المباركين .
وهو العطاء الذي يجب إلا يجف ولا ينضب أو يذل لأنه مصدر السعادة والطاقة والرأفة والتفاؤل والعطاء.
والدخول في مؤسسة الزواج يجب أن يتصف كل من الزوجين الكريمين بالوضوح والشفافية والتصور الواضح للمشروع ودراسته الدراسة الفردية والأسرية واتخاذ الخطوات الواضحة قبل إبرام قرار الموافقة على الخطوة الأولى في هذا المشروع الكبير والممتد والذي يترتب عليها حقوق وواجبات ومتطلبات ومسؤوليات.
فهذه حقيقة الزواج هو قرار بين يدي اختيار من الطرفين الكريمين الرجل والمرأة..
فإذا تقرر ذلك ؛ وشرع الطرفان في الاستعداد للقبول وإبرام العقد بعد الخطبة المعروفة عند الناس فإن ذلك بداية رحلة الألف ميل الطويلة .
الزواج في حقيقته عبادة وقربه لله تعالى عند المسلمين فهو عقد مقدس وميثاق غليظ شرعه الله تعالى ، بين بالأزواج والزوجات وعند بعض الملل والنحل المدنية السادرة هو رباط مصالح ومشاركة في المقام والمنام وإنجاب الأطفال والهدوء والسلامة والراحة .
وخرج عند بعضهم وهو من التحديات والصعوبات والعقبات التي أفرزتها المدنية في عصر الناس من عقد الزواج بين الجنسين المختلفين – الأزواج الذكور والزوجات الإناث – إلى عقد الزواج بين أفراد الجنس الواحد في تدافع كبير من الرافضين للفكرة وممارستها ومن القابلين لها والمرحبين بها والداعمين لأصحابها ، و الدخول في معركة مع العقل السليم والفطرة السليمة والأديان الصحيحة والصريحة والتجارب المؤلمة .
الزواج عقد مقدس وميثاق غليظ فالغاية منه تعبدية دينية فطرية إنسانية سليمة وحفظ للعرض والنسل والمحافظة على النوع البشري من الضياع والدمار والهلاك وهو يعني المودة والرحمة في قضاء الوطر وتفريغ الشهوة في موضع أحله الله تعالى وبناء أسرة صالحة تحتفي بتربية وتنشئة وتهذيب الأجيال الواعدة وتعينهم على أن يكونوا صالحين مصلحين في مجتمع يسوده الود والحب والتعاون والتفاؤل والعطاء والبذل والتضحية.
والذهاب بعيداً في إعمار الأرض وصناعتها صناعة فارهة وجميلة وساحرة، وأن تترك البشرية الآثار الحسنة الطيبة الجميلة فيها .
إن المراسم الدينية المحافظة في إجراءات الزواج والتي يتم فيها عقد القران للزواج السعيد هو في الحقيقة اعتراف حقيقي بإن العلاقة بين الزوجين الكريمين علاقة حقيقية عبادية دينية مقدسة تقوم على توزيع المهام والأدوار والمسؤوليات بين الزوجين ، فلكل واحد منهما حقوق وعليه واجبات وهناك بعض الواجبات المشتركة بين الزوجين في حياة زوجية سعيدة رغيدة حالمة ترفرف عليها المحبة والمودة والتعاون والتفاؤل والإهتمام .
كل بند من بنود عقود الزواج بين الأزواج والزوجات مبني على الحق والعدل والإنصاف وعدم إلحاق الأذى والضرر بالطرف الآخر ، والقيام بما يرضي الله تعالى وما يرضي الأزواج والزوجات في أجواء جميلة ورائعة .
ولا تعني هذه البنود المسجلة والموثقة في عقود الزواج الخضوع والخنوع والإستعباد لطرف على طرف كلا كلا كلا !!
لذا على الزوجين أن يفهما من عقد الزواج أنه ميثاق غليظ ووثيقة مشتركة بين طرفين متوافقين ومتكافئين وأن لكل طرف مثل الذي عليه ، فالزوجة لها مثل الذي عليها ، والزوج له مثل الذي عليه ! فهو عقد في حقيقته عقد شراكة ومؤسسة مودة ورحمة الزوجة شريكة الزوج والزوج شريك الزوجة.
ويذهب بعض الأزواج بعيداً في الفهم والوعي عندما يجتر من تقاليد بالية وعادات صادمة للحياة الزوجية والأسرية الصالحة والسعيدة ، أن عقد زواجهم هو الرق والعبودية لهذه الزوجة المسكينة الضعيفة المنكسرة والمكسورة والمغلوبة على أمرها وقرارها !.
هكذا يظن ويعتقد بعض الأزواج فعلى هذا الفهم السقيم يعامل ويتعامل مع الزوجة فيظهر العنف والتعنيف والقهر والضرب أحياناً .
وحقيقة الزواج كما تقدم معنا هو حقوق كامل للأزواج تؤدى من قبل الزوجات ، وحقوق كاملة للزوجات تؤدى من قبل الأزواج ، مع التعاون والتكاتف والتآلف والتسامح والتغافل والقبول والمحبة والرأفة والرحمة والمودة.
وهو السكن الحقيقي ، واللباس الحقيقي ، والستر الحقيقي ، والمنزل والبيت الحقيقي ، والحياة الإنسانية الأصيلة الرفيعة العالية والطاهرة الحقيقية.
الزواج عقد مقدس وميثاق غليظ شرعه الله تعالى ، وجعله السبيل الحلال لقضاء الوطر والرغبة الجنسية ، والطريق الشرعي الوحيد لإنجاب الأطفال وتربيتهم والعناية بهم وهو السكن الفطري الإنساني السليم ، وهو عبادةٌ وقربةٌ وأجرٌ وأجرةٌ وميثاقٌ غليظ.
المصلح والمستشار الأسري
د. سالم بن رزيق بن عوض.
أنت ذخيرة علم وصرح عظيم اقف أحتراماً لهذا المخزون الفكري والإثراء الأدبي.. بارك الله علمك وعملك وسلم البِنان يادكتور.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأديبة والكاتبة الراقية الأستاذة
زايده علي حقوي
شكرا لكم على مروركم الجميل
وعلى ما نثر من كلمات جميلة
داعمة ومحفزة لنا .
وفقكم الله تعالى لما يحبه ويرضاه.