كُتاب الرأي

المعاني الإنسانية والجمالية للعيد

المعاني  الإنسانية والجمالية للعيد

تكاد  تتفق  البشرية  على إظهار المعاني الإنسانية الأصيلة في حياتها وإبراز   انجازاتها  وموروثاتها  وثقافاتها  في  احتفالات  وكرنفالات  كبرى  على  مرور  العام والشهور المختلفة  ؛  رغم  اختلاف أجناسها وأعراقها  ولغاتها !  فالبهجة والسرور وتغيير ألوان الحياة الرتيبة ومحاولة جلب لحظات الأفراح والتغلب على التحديات والصعوبات والعقبات والمؤثرات التي توجهها في أيامها وأسابيعها وشهورها  !
كل  ذلك  من الدوافع والحوافز التي دفعت وحفّزت الناس على الإتفاق على مواعيد أيام البهجة والسرور والسعادة.
ويشاهد  جميع  سكان كوكب الأرض  الجميل   اليوم  ما يُعرض  على وسائل التواصل الإجتماعي !   و ما   تقوم به كآفة  الشعوب في أعيادها الوطنية والثقافية والاجتماعية والدينية !  وما  يصلنا من مشاعر الأفراح والسرور والسعادة والأمل والحبور وهم يؤدون ويعيشون ويحييون  تلك  الإحتفالات  والمناسبات العظيمة ، وما يرسمونه بألوان ملابسهم وبأشكال صورهم وحركات رقصاتهم  وجمال أصواتهم.
إن البشرية بفطرتها وطبعها  تحب الأفراح والبهجة والسرور والسعادة والأمل والحبور وتحب أن تعيش هذه اللحظات التي ربما تفقدها أو فقدتها في دنيا  الهموم والغموم والأحزان  في الحياة اليومية المختلفة والمتباينة ،  فهي تحتفي بالمناسبات الوطنية بطرق ووسائل ساحرة ورائعة ونفيسة !  وكذلك عندما تمر  عليها المناسبات الدينية والثقافية ! وهي تعيش اللحظات وتبث الأفراح !   وتعيش فيها وتلهج بالمحبة والود والحنان للجميع كذلك في المناسبات الرياضية والاجتماعية.
وقد فطنت هيئة  الأمم المتحدة  ممثلة في منظمة اليونسكو مبكراً إلى الجوانب العاطفية والمشاعر الإنسانية التي يحملها الناس على  ظهر  كوكب الأرض الجميل   !  فعلى اختلاف أعراقهم والوانهم  وثقافاتهم وأديانهم ودولهم ومدنهم  !
 سعت ونظمت المناسبات  الإنسانية على مدار أيام العام :  فهذا يوم العلم  ،  وذاك يوم المرأة ، وذلك يوم الأم ،  وهذا يوم الحب وذاك يوم السلام  ، وهذا  يوم الضحك والابتسامة  ،  وهذا  يوم  الشعر والقصيدة   ؛   وهكذا  وزعّت المناسبات السعيدة والأحداث التي تذكر الأمم بأيام  الأفراح والسعادة والأمل والحبور   على    أيام  العام كلها  !   .
فالعام كل  أيامه  تحتفي بها المنظمة عبر تنوع  البشرية وتنوع بلدانها  !
ولم  يكن  الدين  الإسلامي بمنأى عن سعادة الإنسانية الأصيلة فهو دين الله تعالى ودين الفطرة والطبيعة البشرية السليمة  التي تحب الأفراح والسعادة فقد رسم هذا الدين السعادة والتفاؤل والعطاء والتعاون والأمل والحبور من كلمته الأولى : لا إله إلا الله محمد رسول الله  هذه العبارة العظيمة على بوابة مدينة الإسلام الفاضلة هي إكسير  السعادة الأبدية في الدنيا والآخرة فكلما نطق  بها الإنسان الحقيقي أستقبل السعادة والسرور وأنشرح صدره ورأى الحياة بصورتها الحقيقية. ومضت جميع تعاليم الإسلام وأوامره ونواهيهه تقرب السعادة الحقيقية للإنسان وتجعله يحس بوجوده ويشعر بإنسانيته ويعرف مهامه وأدواره ومسؤولياته في الحياة الدنيا .
وتأتي الأعياد في الإسلام لترسم وتغرس  الأبعاد  والمعاني الإنسانية والجمالية   في المسلم   ومن ذلك :
أولاً:  وحدانية الله تعالى وتجديد إيمانه بربويته   وألوهيته  وأسمائه والحسنى وصفاته العليا وزيادة قربه من ربه  فهو معه في كل شؤون حياته وهو لن يتخلى عنه أبداً.
ثانياً: إقامة المناسبات التي أذن الله تعالى بها أن تقام والتزام الهدى والسنة المطهرة فيها وهي له عبادة وقربة ودين يدين الله تعالى به فيها .
ثالثاً:  إظهار الأفراح بالإنجازات الكبرى في الإسلام فيأتي عيد الفطر  بعد سباق قوي في صيام شهر رمضان  ويأتي عيد الأضحى بعد إقامة شعيرة الحج للحاج وصوم عرفة لغيره والمحافظة على سائر الشعائر.
رابعاً: بث معنى الإخوّة ( إنما المؤمون إخوة ) وتحقيق ذلك المبدأ عملياً بين المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات. في العيدين الفطر والأضحى.
خامساً: التعاون والمحبة والعطف والرحمة بجميع المسلمين في كل بقاع الأرض ويظهر  ذلك في إفطار المسلمين في القطر الواحد وكذلك في الأقطار المختلفة وعيد الأضحى المبارك  يتوج بالمحبة والرحمة والرأفة بين المسلمين.
سادساً:  نشر  العدل والمساواة بين المسلمين في الحقوق والواجبات وكذلك بينهم  وبين الشعوب الأخرى فهم يحملون مشاعل المعاني  الإنسانية من العدالة والمساواة والحقوق .
سابعاً: المسلمون والمسلمات في كل قطر  وتحت أي  سماء عناصر فاعلة متفاعلة تشترك مع البشرية في العمل الدؤوب والمثابرة وتحقيق الأهداف والمقاصد والإنجازات وتسعى إلى نهضة البشرية جميعاً .
ثامناً: إعمار الحياة الدنيا والسعى إلى حياة أفضل وإلى غد  واعد ليس ترفاً أو مستحيلاً وإنما هو حقيقية دينية مقدسة وقيمية ثقافية اجتماعية أصيلة ومطمع الإنسان المسلم السليم وعليها  تنال رضا الله تعالى في الدنيا والآخرة.
تاسعاً: الحياة الدنيا وما فيها قد ربط ربها تبارك وتعالى بين نتائجها  وما تحصل عليه من خير أو شر  بالأسباب التي قد تجلب  الخير والنفع والعزة والمتعة والسعادة والأمل والغلبة والقوة والقدرة وما تجلب الذل والهوان والفقر والعوز والدروشة فمن بذل أسباب الخير حصل عليه وجنى ثمار غرسه ومن بذل أسباب الشر والعطب وجنى الحنظل والخسارة هنا  وهناك .
عاشراً: التغيير  سنة كونية وهو يجري على الأفراد والفئام من الناس فالله تعالى يقول 🙁 كل يوم هو في شأن )  والمسلم الفطن اللبيب  عليه فهم ذلك جيدا والحركة مع هذه السنة فعليه أن يسعى لزيادة إيمانية وزيادة دخله ومعاشه وتحسين وضعه والعناية بأهله وأقاربه وجيرانه والإهتمام بشؤونه وليكن كالنملة في العمل وكالنحلة في نوعية الإنتاج والإبداع في الشراب المختلف  في الألوان  !  فيه شفاء  وصحة وعافية وهداية وستر وفلاح ونجاح وفوز للناس أجمعين .
نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن  يعيد  علينا العيد بالخيرات والبركات والمسرات .
      وكل  عيد  و أنتم بخير  ،،،

المستشار الأسري  الدكتور

سالم بن رزيق بن عوض.

د. سالم بن رزيق بن عوض

أديب وكاتب رأي وشاعر ومصلح ومستشار أسري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى