(المطر ، والسدود )

أنعم الله سبحانه وتعالى علينا في هذه الدولة المباركة بالكثير من النعم التي لاتعد ولاتحصى، ولايمكن لهذا المقال بأي حال من الأحوال أن يتسع لذكرها ، حيث ستأخذ مقالات وكتب ومجلدات لما حبى الله هذه البلاد من نعمه وخيراته.
شاهدنا في هذا المقال هي نعمة الأمطار والخيرات التي تعم بلادنا هذه الايام من شمالها لجنوبها ، ومن شرقها لغربها ، وقد رأينا غزارة تلك الامطار ، والسيول على منطقة مكة المكرمة ، والمدينة المنورة ، وبعض مناطق المملكة الآخرى ، ولا زلنا في بداية الخير ، وتحري هذه النعمة لتسقط على بقية مناطق المملكة .
ما أود أن أتطرق له في هذا المقال هو مدى إمكانية الاستفادة من هذه السيول التي نشاهدها تنزل بغزارة ، وقوةٍ إلهيةٍ كبيرة ، وتقطع أودية كبيرة في بلادنا العزيزة ، وتخرج أحياناً لخارج إقليم الدولة ، ومما لاشك فيه أنه يتم الاستفادة منها في الزراعة ، والرعي ، واختزان المياه في باطن الارض كنهاية محتملة لنزول هذه الامطار ، ولكن ومع هذا ، ولأن دولتنا أيدها الله تعمل وفق رؤية ولي عهدنا يحفظه الله التي تقضي في مجملها بنقل المملكة لمصاف دول العالم ، وبناء قدراتها لتعانق السماء ، ولتكون دولة يشار لها بالبنان بين دول العالم ، وفي الحال نفسه ، الدولة لم تقصر على وزاراتها ، ومنحتها كل الدعم ، والامكانيات لتطور نفسها ، وتكمل مشوارها مع نظيراتها الوزارات الاخرى ، ليكتمل البنيان بالشكل الذي يريده ، ويخطط له صاحب رؤيتنا وولي عهدنا يحفظه الله.
الذي أعرفه أن ولاة أمر هذه البلاد الطاهرة ، وقادتها الميامين لايرفضون طلباً ، أو يعيدون فكرةً ، أو رأياً يُرفع لأنظارهم ، طالما وهو يصب في خدمة الدين والدولة والمواطن ، بل يزيدون على تلك الرؤى التي ترفع لهم ، أقول بل يزيدون عليها ، ويطلبون المسارعة في تنفيذها ، ان كانت تصب في خدمة الصالح العام ، وهذا هو ديدن قيادتنا الحكيمة في التعاطي لما يخدم شعب وأمة دولتها العظمى .
مانشاهده كل عام من سيول جارفة يذهب أغلبها دون أن يستفاد منه ، أو تبتلعه الارض ، وفي النهاية تكون مدى استفادة المزارعين ، أو اصحاب المواشي نسبة ضئيلة لاتتساوى مع هذه النعم التي يسوقها الله على أرضنا المباركة.
ولعل ما بودي أن أطرحه في هذا المقال هو التوجه لوزارة الزراعة ، لمعرفة مدى إمكانية بناء سدود ، وعلى كل أودية المملكة ، ووضع خطة كبيرة ، لدراسة هذا الأمر ، وتكليف لجان هندسية مقتدرة بالتجول على كل مناطق المملكة ، ووضع الدراسات المناسبة ، كما أشرت لبناء هذه السدود وفي كل وادٍ ، وحتى الوديان الصغيرة بحيث تتناسب تلك السدود مع جريان تلك الاودية ، وكذلك وضع اكثر من سد على الوديان الكبيرة ، واتخاذ الاجراءات الهندسية المناسبة في كيفية التحكم بمقدار المياه عند نزول الامطار للمحافظة على أجسام تلك السدود ، وهي بالتالي من الخطط التي ترمي لها رؤية سيدي ولي العهد في تحويل المملكة لمملكة خضراء ، فضلاً على أن في ذلك توفيراً لهذه النعم التي تذهب في باطن الارض كل عام وتكون الاستفادة منها قليلة جداً ومعدومةٍ في بعض المواقع البعيدة عن الإستيطان البشري في المملكة .
أنه من خلال المشاهدات في الدول الخارجية والتي يعد مناخها مناخاً مطرياً ربما طوال العام ، نجد فيها بناء السدود وعلى كل الوديان ، حتى في الوديان الجبلية التي تعد مسايلها صغيرة أي جريان سيولها ، وهم بالتالي ورغم هطول الامطار على تلك الدول تُبنى فيها السدود، وتوضع كل الأطر التي تتناسب معها للحفاظ على كمية الامطار التي تنزل عليها ، ومما لاشك فيه أيضاً فنحن أولى بمثل هذه الخطط الطموحة التي ستغير وجه طبيعة صحرائنا ، وجبالنا ، وأوديتنا ، وإكتناز مياهنا للوقت الذي نحتاجه ، سواء كان ذلك للمزارعين أوغيرهم في البراري والصحاري ، وتكون الاستفادة منه مكملةً لما تقوم به الدولة في توفير الامكانيات لمواطنيها وعلى مختلف مشاربهم الاقتصادية .
كما أنه من المعروف أننا نتمتع بمناخ صحراوي يغلب على الجزء الكبير من مساحة الدولة ، وهو أيضاً مايصب في تبني مثل هذه الفكرة ، وتنفيذها أي الأخذ ببناء السدود ، وهي لن تكلف مبالغ طائلة ، وستكون الاستفادة منها عظيمة ، ولعلها أيضاً تكون عنصراً مباشراً في الاستيطان البشري حولها ، خاصة في الأودية الكبيرة التي من المؤكد انه ستتغير صورتها للأفضل ، وهي بالطبع ستكون مخازن حفظ لهذه النعم التي تتنزل بأمر الله ، وتعود لها الجهة المختصة في توزيعها أو إعادة تدويرها لما ينفع المجاورين لهذه السدود وخاصة في حال عدم نزول الأمطار .
نقول هي خطوة ، والألف ميل يبدأ بخطوة ، أسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين ، وولي عهده الامين ، أنه القوي القادر على ذلك .
محمد سعد الربيعي
كاتب رأي