كُتاب الرأي

المصالح الحقيقية للدعوة إلى الله

 

‏إن طريق الدعوة ليس مفروشاً بالورود كما يعتقدهُ كثيرٌ من صغارُ الدعاة، ولكنه طريق كله اشواك وطريقٌ كله صعوبات، وهذا ليس تنفيراً مني للدعاة بقيامهم بالدعوة إلى الله، ولكن ليقفَ الداعيةُ إلى الله على ارضٍ صلبةٍ وأقدامٍ راسخة، فالداعية الناجح يجب عليه أن يتسلح بسلاح العلم الذي لا يكون إلا على بصيرة لا عن جهلٍ وتسرع والداعيةُ إلى الله كي تقبلَ دعوته يجب أن تكونَ خالصةً لوجهِ الله تعالى وأيضاً يجب عليه أن يختار طريق الحكمة والموعظة الحسنة في تبليغ دعوة الله التي أمرنا الله سبحانه وتعالى بتبليغها ‏كما جاء بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والذي بلغها عن ربه خيرَ تبليغ وقام بها أصحابهُ من بعده خيرَ قيام قال تعالى :(قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرةٍ أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين) ‏وقال تعالى :(ادعوا إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) .
‏إن قبولَ العمل لا يكون إلا بالإخلاص له سبحانه وتعالى ومتابعةِ النبي صلى الله عليه وسلم فهذان شرطانِ لا يقبل العمل إلا بهما، والسلف الصالح رحمهم الله طبقوا ذلك في حياتهم ودعوتهم لأنهم كانوا قريبين من النبي صلى الله عليه وسلم عند نزول الوحي فشهدوا التنزيل وعلموا التاويل وفهموا ما كان يستوجب عليهم أن يفهموه ولهذا قُدِمَّ فهمهم على فهمِ غيرهم من المتاخرين ومن القواعد المهمةِ التي كان السلف الصالح يحرصون عليها في الدعوة إلى الله تعالى قبل البدء فيها، حرصهم على طلب العلم وأولُ طلبِ العلمِ حفظ كتاب الله جلَّ في علاه مع الحرصِ على تفسيره الذي أخذوه مباشرةً من النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك تَعلُّمُ العقيدةِ السليمة وتعليم أبنائهم لها، وجمعِ أحاديثهُ صلى الله عليه وسلم وحفظها وضبطها ونقلها كما هي وفهم ادلة الكتاب والسنة على مراد الله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم وتعليمها لطلبة العلم .
ديننا الحنيف حثنا ‏على طلب العلم وأمرنا به وكرم أهله ووصفهم بأنه شهداء الله على أعظم أمر وهو التوحيد ‏ورفع الله سبحانه وتعالى العلماء وطلبة العلم درجات لأخذهم بالعلم والعمل به معاً، ولما في ذلك من الخير الكبير للناس ولأنفسهم، وذلك بدلالتهم على أعظم مأمور ألا وهو شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وباقي أركان وفرائض الدين وبهذا نالوا أعظم الدرجات، فالمبادرة بتحصل تلك المصلحة والتزينِ بآداب العلم والعمل بمقتضاه عندها تكون الدعوةُ مفروشةً بالوردِ للمدعويين وبالجهد والتعبِ والأجر العظيم للدعاة .

د/ خالد علي الفريدي
كاتب صحفي

 

د. خالد علي الفريدي

كاتب صحفي _ واكاديمي _ وإمام و خطيب .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى