في ظلال المشهد المسرحي
المسرح السعودي حلم يتحقق

المسرح السعودي حلم يتحقق
تطوّر المسرح السعودي يُعدّ من أبرز ملامح «رؤية 2030» في شقّها الثقافي والترفيهي، إذ تحوّل من نشاط محدود إلى صناعة متكاملة ذات بنية تحتية وتمويل وتشريعات واضحة
ومن أهم المؤشرات والأحداث التي تُجسّد هذا التحوّل البنية التحتية والمنشآت الجديدة، حيث مجمع الفنون الملكي Complex Arts Royal في الرياض يتضمّن سبعة مرافق ثقافية، من بينها دار أوبرا وصالات مسرح متعددة السعات، صُمِّمت لاستقطاب الإنتاجات المحلية والعالمية على حدّ سواء، ويُنفَّذ المشروع تحت مظلة وزارة الثقافة وبرنامج «جودة الحياة» التابع للرؤية، وهناك أيضا مشاريع «الجيجا» مثل القدّية ونيوم، إذ خصّصت مسارح هواء طلق وقاعات عروض حيّة كجزء من الوجهات الترفيهية العملاقة، ما يضمن توزّع المسارح خارج المدن الكبرى.
كما تتضح ملامح التحول في الأطر التنظيمية والدعم المالي، ففي 2020م أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية، ووضعت الإستراتيجية الوطنية للمسرح في مجالات التدريب والمنح والصندوق والتمويل والإنتاج.
وفي السياق ذاته أتاحت هيئة الترفيه (GEA) تصاريح سريعة للعروض الحيّة وقدّمت برنامج «رحلة الإبداع» لدعم المؤلفين والمخرجين الشباب.
وفي بناء القدرات والكوادر، عقدت شراكات مع أكاديميات عالمية (مثل «أكاديمية لامدا» البريطانية) لتقديم دبلومات قصيرة في الإخراج والتقنيات المسرحية داخل المملكة، وفي برنامج ابتعاث المسرحيين ضمن «وزارة الثقافة» تم تمويل دراسة 20 تخصّصاً فنياً في أرقى جامعات الفنون حول العالم.
أما في مجال المحتوى والإنتاج، فقد ازدهر المسرح الكوميدي والميوزيكال؛ بعروض مثل «ترانزيت» و«معلّى ستاند أب» وجالت 10 مدن عام 2024، وأطلقت موسمي الرياض وجدة كمنصّات سنوية لعشرات المسرحيات العربية والعالمية، مع نسب حضور تجاوزت 80 ٪ في بعض العروض، كما شجعت النصوص السعودية الأصلية، ومنحت الجوائز القيمة، ومن ذلك التشجيع مسابقة «نصوص من السعودية» تمنح جوائز تصل إلى 300 ألف ريال للعمل الفائز.
وفي التكامل مع صناعة السينما والفنون الأخرى، يشير تقرير سوق السينما السعودي 2025، إلى أن بنية دور العرض وتسهيلات الإنتاج السينمائي سهّلت تحويل بعض الأفلام إلى عروض مسرحية والعكس؛ ما خلق سوقاً مزدوجة للمحتوى المحلي، وأثر ذلك على الجانبين الاقتصادي والاجتماعي فارتفع عدد الفرق المسرحية المسجَّلة رسمياً من 12 فرقة عام 2016 إلى أكثر من 80 فرقة في 2024، وتجاوز سوق التذاكر الحيّة في قطاع المسرح إلى 450 مليون ريال في 2024، ونسبة توطين الوظائف الفنية (الإضاءة، هندسة الصوت) تخطّت 60 ٪.
وأصبح المسرح أداة «قوة ناعمة» تُستخدم في المؤتمرات والمعارض الدولية لتعزيز صورة السعودية المنفتحة والمبدعة، ورسم اتجاهه إلى استراتيجية لتصدير العروض والتخطيط لذلك لزَجّ عروض سعودية في مهرجانات أفينيون وإدنبرة بدءاً من 2026
وفي جانب مسرح الطفل، سعت وزارة التعليم إلى إدخال النشاط المسرحي الإلزامي في المدارس الابتدائية بحلول 2027،
واستقطبت المواهب التعليمية من المسرحيين للعمل على تنشيط الحركة المسرحية في المدارس.
وفي المسارح التفاعلية والتقنيات الغامرة وتطبيق الواقع الافتراضي في المسرح التفاعلي، سيُدشَّن لأول مرة في «مركز نيوم للفنون المؤدّاة» عام 2028، ومن المتوقع ومع حلول 2030، سيتم قياس التأثي بتقارير دورية لقياس العائد الاجتماعي والثقافي للمسرح، بما يتماشى مع معايير منظمة اليونسكو.
بهذا الزخم، يُتوقَّع أن يصبح المسرح السعودي أحد أهم قصص النجاح الثقافية في العالم، مساهماً في تحقيق هدف «رؤية 2030» لرفع مساهمة القطاعات الإبداعية في الناتج المحلي وتعزيز جودة الحياة للمجتمع السعودي وزوّار المملكة