المسرح السعودي بين التكوين والتطوير

الدكتور عبدالرحمن الوعلان
المسرح السعودي بين التكوين والتطوير
المسرح أب الفنون، والأمم تتنافس في الأداء المسرحي، لما فيه من أثر بالغ في نشر المفاهيم وتصحيح الفكر والسمو بالأخلاق، ومن الجدير بالذكر أن الملك المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – رحمه الله – قد حضر عرضًا مسرحيًا في إحدى المدارس في عام 1928م، وكان عنوان المسرحية (بين الجاهل والمتعلِّم).
مما يعطي دلالة صريحة بما تفرد به الملك عبدالعزيز بحرصه على مواكبة الحضارة الإنسانية، وتعزيز الجوانب الثقافية والاجتماعية، واستمر المسرح في بلادنا فترة من الزمن في إرهاصات النشوء والتكوين، ولم يتوقف، وظلّ المسرحيون يجتهدون في تقديم مسرحيات تتناسب مع إمكانات المسرح، ولم يتسلل إليهم الإحباط في المشاركة، فقدموا وشاركوا بتجارب مميزة في فعاليات مسرحية محلية ودولية وحصدوا جوائز.
وأتى العهد الزاهر ورؤية المملكة العربية السعودية 2030، وأخذ المسرح يتنفس الصعداء ويلبس ثوبه الجديد اللائق به، لتطلق وزارة الثقافة “هيئة المسرح والفنون الأدائية”، وكان الظهور الحقيقي للمسرح السعودي، وانبرت أقلام الكُتّاب للكتابة، وشمّر المسرحيون عن سواعدهم في تفعيل المسرح والعروض الأدائية في المواسم الترفيهية والمناسبات الوطنية والاجتماعية.
وشاهدنا اهتمامًا كبيرًا من وزارة الثقافة بالمسرح والفنون الأدائية، ورأينا نشاطًا مهولًا من الأفكار المسرحية، والإعلانات المسرحية، والمسابقات المسرحية، واستقطاب المسرحيين، ورعاية الفكر المسرحي.
إن ذلك التميز يعطي شعورًا عظيمًا بالاعتزاز والفخر بما آل إليه المشهد الثقافي في بلادنا الحبيبة، وذلك بفضل الله سبحانه، ثم بفضل وعي وإدراك وزارة الثقافة واهتمامها بتحقيق أهداف رؤية المملكة العربية السعودية 2030.
نعم، سطعت شمس المسرح حاليًا، وسطعت معه شمس وزارة الثقافة، واستمرت هيئة المسرح والفنون الأدائية في خطواتها نحو الريادة المسرحية، ووزارة التعليم هي الجهة الأخرى التي كانت سبّاقة لتفعيل النشاط المسرحي، وكان لها دور بارز في تجديد النشاط المسرحي، وحاولت جاهدة في السير مع الركب في عملية التطوير للمسرح، فبادرت باستقطاب المسرحيين في مشروع المواهب التعليمية، وهيأت لهم منصة تواصلية في برامج التواصل الاجتماعي، تحت رعاية شؤون المعلمين بوزارة التعليم، كقناة للتواصل وتبادل الخبرات والأفكار وكل جديد في المجال المسرحي.
وتغير النشاط الثقافي في مدارسنا تغيرًا ملحوظًا، وأصبحنا نشاهد إعلانات مسرحية، وتكريمًا للمسرحيين من المعلمين والمعلمات والطلاب والطالبات. كذلك كان هناك تغيرٌ في ثقافة الأبناء في المدارس يدل على النمو المعرفي الحقيقي، وأيضًا أصبحنا نسمع منهم الحديث عن الجو المسرحي (المشهد والممثل والعرض، والجمهور والحضور، والديكور والإضاءة، والإخراج، وعن القصة المسرحية..).
فعلاً، تخطى المسرح فترة التكوين، ووصل إلى مرحلة التطوير، والوعي بأهمية المسرح ودوره في الحراك الثقافي الذي يشهده وطننا، وهو يعيش مرحلة مميزة من التقدم في شتى المجالات وعلى مختلف الأصعدة.