كُتاب الرأي

المرايا المقعرة

 

المعادلة الصعبة – غير المستحيلة – المطلوب تحقيقها من بني البشر هي أن يكونوا في منازل أعلى من الملائكة في الملأ الأعلى وإن كانت الصناعة من الحمأ المسنون، ومن الطين اللازب ومن تراب الأرض ؛ والركض في ميادين الحياة الواسعة والمختلفة وأستثمار كآفة مواردها ومصادرها وتحويلها إلى حدائق غناء وجنان وارفة وصناعة جنة الفردوس في الأرض ! وإن كانت القدرات والطاقات والمواهب والملكات عند بعضهم في توظيفها دون دون المأمول.

هكذا كانت الإرادة العليا ، والحكمة العظيمة في تصوير الصور المثلى للحياة والسعي في تحقيقها ، وتحويل الحلم والرؤيا إلى صورة حقيقية مشاهدة ملموسة في عالم المخلوقات والموجودات والكائنات الحية.

وحقيقة الإنسان قادر على تحويل الأحلام والآمال والتصورات إلى واقع مشاهد وحقيقة قائمة على سوقها ؛ بما لديه من خيالات وتصورات وتصويرات وقدرات هائلة في هذا المجال إلى قدراته وطاقاته في صناعة المستقبل الواعد له في الدنيا والفوز والفلاح في الآخرة.

لا يختلف البشر في المجموع العام للطاقات والقدرات والملكات والمواهب لكن الاختلاف والتباين يكون في :

أولأً : في اكتشاف تلك الطاقات والقدرات والمواهب والملكات العالية ثانياً: في كيفية توظيف تلك الملكات والطاقات والقدرات في مصانع الحياة الضخمة .

ثالثاً : الإرادة الفولاذية في تحويل الأحلام والآمال والتصورات والتطلعات المستقبلية إلى واقع حقيقي مشاهد .

وما تفاضل الإنتاج والإبداع البشري إلا بسبب التفاضل في القدرة على الإكتشاف والقدرة على التوظيف لتلك الطاقات والقدرات والملكات والإمكانات . والإرادة الحقيقية الفولاذية في تحويل الأحلام والتصورات إلى مشاهدات واقعية يراها العالم .

قد تبدأ الرحلة الممتعة في عوالم الحياة الدنيا بالصورة التي يعطيها الفرد لنفسه ولقدراته وطاقاته ومواهبه وملكاته ونفاسة الفرص التي تمر عليه ليلاً ونهاراً وسراً وجهاراً .

وحتى تبدأ في مشروع حياتك الجميلة الرائعة وتنطلق الرحلة الممتعة نحو تحقيق الأحلام والتصورات لا بد من تحديد تلك الأحلام والرؤى بدقة وعمق ، والتعرف على بعض التحديات والصعوبات والعقبات في الرحلة والسفر حتى لا تتفاجأ بوجودها في خطة سيرك نحو تحقيق الأحلام فتتوقف العجلة عن الدوران .

إن المستقبل الواعد في حقيقته حلم جميل وتصور يقوم المرء بإبتكاره وتصنيعه الصناعة الأولية في عقله اللاواعي ويحاول مع مرور الأيام والليالي أن ينتجه إنتاجاً حقيقياً مشاهدا وملموساً له وللجميع .
بعد أن كتب السيناريو العظيم له وآمن به أقوى عرى الإيمان.

إن الفلاح وهو يحرث الأرض الزراعية ويتعهد البذور بشكل يومي ويمدها بالمياه وأنواع السماد والعناية والرعاية والإهتمام قد وضع في تصوره وخياله تلك الثمار والمحاصيل سوف يحصدها والتي ترسم فيه

البهجة والسرور وتعود عليه وعلى أسرته الكريمة بالنفع المعنوي والمادي .

إن المعلم والمربي الفاضل وهو يقف أمام طلابه في الاصطفاف الصباحي مبكراً وهو يبدع في إيصال المعارف والمعلومات الأساسية والمتقدمة والمهارات العليا لمادته الدراسية وهو يقيس مستوى تعلمهم قد وضع في تصوره وخياله أولئك الطلاب الذين يتخرجون من تحت يديه وهم يملكون كامل المعلومات والمعارف والمهارات الحياتية .
ويلتحقون بالجامعات أو بسوق العمل وهم مواطنون صالحون عظماء.

إن الطبيب الكيس الحاذق وهو يشخص مرضاه ويجري عليهم الفحوصات الأولية ويأخذ عينات من الدم والبول وغيره ويقوم بالكشف السريري ، ويتفحص الأنف والأذن والحنجرة ، ويقلب المرضى ثم يصف لهم بعد ذلك الأدوية النافعة الشافية بإذن الله تعالى قد وضع في تصوره وخياله وهم يعودون أصحاء أقوياء يؤدون الأدوار والمهام الحياتية المطلوبة منهم.

إن القائد العسكري الفذ هو الذي ينظر بنور الله تعالى إلى الأفراد والضباط بين يديه ويملأ قلوبهم ونفوسهم وعقولهم بالأهداف العليا والمعلومات والمفردات العليا والمهارات العليا ثم يدفع بهم في عالم الوطن ليصنعوا ويساهموا في الأمن والأمان والاستقرار وحراسة الوطن الجميل الغالي.

إن الذي يدفع الإنسان للعمل الشاق المضني ويساعد في تحمل الصعاب والعقبات هو ذلك الحلم الجميل وذلك التصور الجميل نحو نتائج عمله الجاد وثمار تلك الجهود الطيبة الجميلة من الفرح والسرور والحصول على ما يريده من وراء عمله وجهده وطاقته .

إن الحياة الدنيا بما فيها تعمل فينا كالمرايا المقعرة التي تصنع الصور الخيالية حيناً والحقيقية أحياناً و المصغرة حيناً والمكبرة أحياناً أخرى والعقل البشري الإنساني الفطري السليم والنفيس هو الذي يُعدّل الخيالات ويحولها إلى حقائق ماثلة أمامه بفضل العمل والجهد الصالح الخالص.

والذي يجب علينا القيام به لتحقيق الأحلام والآمال والتصورات والرؤى على مرايا الحياة الدنيا المقعرة لنا ولأولادنا من الأجيال القادمة هو أن :

اولاً : نفتش جميعاً عمّا لدينا من الطاقات والقدرات والملكات والمواهب.

ثانياً: نحدد ما نملك بعناية من تلك الطاقات والقدرات والملكات والمواهب.

ثالثاً: نرسم الصور المكبرة أمام المرايا المقعرة لأحلامنا ورؤانا .

رابعاً: ندفع الثمن الغالي لتحقيق أحلامنا من أوقاتنا واموالنا وحياتنا وجهدنا وذلك بأمتلاك الإرادة القوية الفولاذية لسداد فواتير النجاح والتفوق الحقيقي وتحقيق الأهداف والمقاصد والإنجازات الكبيرة.

خامساً: نصبر ونصابر في طريق الوصول إلى ما نريد من تحقيق تلك الأحلام والرؤى والتصورات والتطلعات ونرغب الأجيال في ذلك وأن النجاح والتفوق وتحقيق الأحلام قريب منهم جدا !.

سادساً: نراجع أنفسنا ونحاسبها ونقف على ما تحقق من أهداف ومرامي وإنجازات في كل فترة ، وفي كل مرحلة من المراحل الجميلة نحو الوصول للأهداف والمقاصد والإنجازات.

سابعاً: نبعد عقولنا وقلوبنا عن اللوم والتأنيب لأنفسنا إذا حصلنا على نتائج غير المتوقعة ، وعلينا الجد والاجتهاد الدائم والمستمر والتفاؤل بأن القادم دائماً هو الأجمل والأفضل والأحسن .

ثامناً: نبعد عقولنا وقلوبنا عن المقارنات الظالمة لنا ولأعمالنا وإنجازاتنا الجميلة المميزة والرائعة مهما كانت تلك الإنجازات.

تاسعاً: علينا أن نكون ( نحن ) و ( نحن ) فقط ! ليس سوانا وغيرنا ! فلا تقليد للناس ! ولا محاكاة لهم ! ولا حتى السير على خطاهم !.
ونهدي أنفسنا الثقة والثقة الكبرى فيما نقول ونعمل !
ونؤمن إيماناً كاملاً بما نملك من الطاقات والقدرات والملكات والمواهب.
ونرد دائماً وأبداً : سوف نصل ونتوج بتحقيق الأحلام والتصورات والتطلعات التي عشنا ورحلنا واجتهدنا من أجلها .

عاشراً: نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا دائماً وابداً
العون والتوفيق والسداد والإخلاص في كل حين من ليل أو نهار .
ونربي الأجيال القادمة على ذلك .

كلما كانت المرايا المقعرة فينا وفي أولادنا صافية مصقولة وتم تحديد مواقعنا جميعاً بعناية كبيرة ودقيقة أمامها كلما ظهرت الصور الجميلة الطيبة واضحة وجميلة ورائعة وساحرة وحقيقية وكأننا نشاهد الحقيقة في المستقبل الواعد لنا وللأجيال بإذن الله تعالى.

المصلح والمستشار الأسري
د. سالم بن رزيق بن عوض.

د. سالم بن رزيق بن عوض

أديب وكاتب رأي وشاعر ومصلح ومستشار أسري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى