كُتاب الرأي
( المدارس الأدبية بين الحقيقة والمجاز )

( المدارس الأدبية بين الحقيقة والمجاز )
ولد الأدب شعراً ونثراً مع الإنسان ومع النفس البشرية الطبيعية ، والتي في الأصل يغلب على بعضها السمو في العاطفة ، والتصوير لهذه المشاعر والأحاسيس الحرّى ! والتي تمر بها ، وعليها في المراحل المختلفة والأحداث والمواقع كذلك !
ومع تعاقب الأزمنة واختلاف الأمكنة صور الإنسان فيه معظم تجاربه ، وخبراته وتأملاته ، وحبه وعشقه وهواه وبغضه وكرهه و آلامه وأحلامه ، وأحزانه وأفراحه، فجمع ما تشتت فيه في هذا البيان والتبيين !
والحياة الموارة عادة ! تجري لا تقف عند أحد من الناس ! ولا عند حدث من الأحداث ! فهي تتحركة بحركة الأكوان والهواء ! والماء الجاري في الأنهار والأودية والبحار! ويتفاعل الإنسان الحقيقي السليم الصحيح في فطرته ! مع المتغيرات ليفقد كثيراً ويكسب كذلك كثيراً!
الأدب في الأصل الأصيل مادة حية ، تحس بما نحس! وتشعر بما نشعر ! كان المهتمون بالأدب يفهمون منه ما يفهمون ! بحسب الزمان والمكان والثقافة والوعي والمراحل تتعاقب والأحداث التي تجري!
وظهرت المدارس الأدبية حقيقة كرجال كبار يفهمون النصوص الأدبية ويشاركون المبدعين في شرحها وتفسيرها وتقريبها من المتلقي ! فهم يفهمون ويحاولون أن يبسطوا لغيرهم. مما. لم. يفهم النصوص الأدبية !
فالناقد الذي يجمع النصوص الأدبية ليدرسها ثم يضغ لها عنوانا يناسبه ويصنف الشاعر او القاص او الراوي من هذه المدرسة أو تلك ! ليس له حقيقة علاقة بالأديب ! ولا بالأدب ! وأنما هو عبارة عن تاجر جملة يصنف ليبيع ويسوق! دون أن يكون للبضاعة المباعة أي علاقة بما يقوم به. !.
المدارس الأدبية على حقيقتها الواقعية هي سراب بقيعة في أذهان النقاد وأشباههم وهم بعيدون كل البعد عن أحلام الشاعر وإبداعاته ! . النقاد هم الذين أرادوا أن تكون هذه المدارس ! فكانت لهم ! لكي يشغوا بها الرأي الأدبي والذاكرة الأدبية في زمانهم ومكانهم ليصبح كل ذلك جزء من التأريخ والذاكرة الأدبية المنسية.
الشاعر والأديب الأريب عليه أن ينتبه إلى تلك المزالق والمصائد وإلى تلك القوالب والأحكام للنقاد وتصنيفاتهم!.
إنهم ذهبوا إلى أدب الأجداد وحشروه في زاوية ضيقة وقالوا عنه : أدب قديم كلاسيكي ! و مدرسة قديمة لا تلبي احتياجات المشاهد والسماع والمرحلة الحالية ! وأسموا أدب النسيب والغزل والحب بالمدرسة الرومانسية أو الرومانتيكية ! وحشروا فيها أسماء وأسماء ! وشرقوا وغربوا في تصنيفاتهم الأدبية ! .
كل ذلك ليكون الناقد هو المتحكم في ذائقة المتلقي وربما وصل إلى توجيه الشاعر والأديب وبدأ يملئ عليه موضوعاته الشعرية ويصنع منه قالباً وتمثالاً ليضعه هو في التابوت الذي أعده وأسماه مدرسة ! .
الشعراء والكتاب هم الأصل هم الذين يبتكرون ويبدعون ويبنشرون ويغيرون ويحلمون ويقولون ويفعلون
هم أولاً !
وهم الذين يصورون المشاعر الأحاسيس العواطف من الأحزان والأفراح ! ومن الوصف الجميل للطبيعة والحياة الجميلة ! أنهم حقيقة هم الذين. يقولون ويقولون ويقولون في معاني الحياة الجميلة الهادئة المختلفة !
هم أصحاب الكاميرات الحقيقية التي تصور الإنسان والحياة والكون والتي تصور المشاعر والأحاسيس بصدق وواقعية إلى حد. كبير. !!
أما النقاد وما يملكون من أدوات نقدية فهم متطفلون على أولئك يحررون إبداعاتهم ويقدمونها للناس!
الشعراء الحقيقيون يعيشون عصرهم ولغتهم ومجتمعهم وأحداثهم وأمالهم وألامهم وواقعهم بكل ظروفه وتحدياتهم ويحسنون تصوير الواقع في سبائك الذهب الأدبي وتقديم كل ذلك للناس. ! .
يساهمون ويشاركون في النهضة الإنسانية ! وتحقيق الحلم للشعوب وتوجيه هذه الشعوب إلى الصواب والحق والجمال والفن والحياة السعيدة.
لذلك على الشعراء والأدباء أن يؤمنوا بأنفسهم وقدراتهم وطاقاتهم ومواهبهم ! وأحتمالهم التحديات والتضحيات الكبيرة من أجل غد واعد جميل….
والمدارس النقدية إذا لم تشارك الأديب في الوصول إلى الحق والأمن والجمال والحياة السعيدة ! والمشاركة في الفهم الإيجابي للنصوص الأدبية ؛ وحسن عرضها وتقديمها. للناس والمتلقي ! فلا خير فيها وهي من الظواهر الصوتية التي على الأديب الأريب أن لا يعيرها أذناً واعية !
ولا وجود للمدارس الأدبية إلا في أذهان عرابيها ومريديها ودهاتها ورهبانها. فهي في عقولهم حاضرة وكذلك فيما سطروه وحسبوه الحق والصدق والواقع ! .
الشعراء والأدباء هم الحقيقة الماثلة أمامنا هم الذين يصورن لنا العالم وكل ما فيه ومن الأفراح والأتراح والجمال والقبح والآمال والآلام ! وهم القوة الدافعة الناعمة للإنسانية إلى عوالم المستقبل الذي ينتظرنا جميعاً هناك. بإذن الله تعالى…