كُتاب الرأي

*المتفرغون للهدم * .!

*المتفرغون للهدم * .!

في زحام الحياة، كثيرون يمرّون من حولك بأهدافهم وغاياتهم .
بعضهم يحاول إشغالك بأمور ، البعض فيهم نور يشبهك، فيزيدون من توهجك. والبعض الآخر يعمل على إشغالك ليهدمك؛ لأن فيهم ضجيجًا لا يُطاق ونشاطا لإطفاء نورك ! !
لكن السؤال الأهم: من الذي يهتم لإشغالك فعلًا ويعتبر عائقا لك ؟
إن المشكلات التي تقف في وجه المرء لا تأتي إلا من أناس يعانون من الفراغ الإيجابي، أولئك الذين يملأون فراغهم بالناس وصنيعهم بدلا من أن يملؤوه بالأحلام.
الإنسان الفارغ من البشر هو متفرغ للنزعة الشيطانية والعياذ بالله؛ يخطط ليصنع لك عثرةً لكي يراك تسقط أو تتعثر أو تتوقف عن إنسانيتك وسعيك الجميل !
أما الممتلئ بالحياة فهو من يبني جسرًا متينا ليمضي عليه معك نحو الأفق الأعلى، وليرتقي بك ويدفعك لمواقع النجوم .
من يشغله البناء لا يرى في الهدم متعة أو منفعة أو إنجازا.!
ومن يحمل في قلبه رسالة إنسانية خيرة ونقية وصافية، لا تستهويه المعارك الصغيرة.
تأملوا في مسيرة العظماء:
كان توماس إديسون يبتسم للفشل كمن يربت على كتف صديقٍ عنيد،
فهو لم يُضِع عمره في الرد على من شككوا فيه، بل شغل نفسه بالضوء حتى أنار العالم.
وكانت هيلين كيلر، التي لم تبصر النور، تبصر الحياة بعين القلب،
لم تلتفت لمن رثى حالها، بل انشغلت ببناء عقلٍ يضيء طريق الأجيال القادمة.
والملك عبدالعزيز – طيب الله ثراه – لم يلتفت لصوت المستحيل حين قالوا: “أرض ممزقة لا تُوحّد”،
بل انشغل بالرؤية لا بالعقبة، فوحّد القلوب قبل الحدود، وصنع من الصحراء وطنًا يموج بالحياة.
واليوم، يسير على ذات النهج
مبدعون من البشر لم تشغلهم الأصوات المليئة بالشك،
بل يجعلون من أحلامهم رؤية، ومن الرؤية واقعًا، ومن الواقع مستقبلًا يتلألأ أمام أعين الجميع
يا من تقرأ هذه الكلمات…
لا تسمح لصوتٍ فارغ أن يعطّل صوتك الداخلي.
إن الذين يسخرون من أحلامك يفعلون ذلك لأنهم لم يجدوا أحلامًا تخصّهم فلا تلتفت لسلبيتهم.
تابع السير، لا تتوقف عند صغائر الطريق، فكل دقيقة تهدرها في الرد على الصغار، هي دقيقة تؤخر فيها بناءك الكبير.
الحياة قصيرة، جدا ولكن أثرها طويل،ويبقى ..فاجعل انشغالك بما يبقى، لا بما يزول.
ازرع فكرة، ابنِ هدفًا، اخلق طريقًا، حتى إذا التفتّ يومًا، وجدت أنك صنعت مجدك لا جدالك.
تذكّر دائمًا:
المشغولون بالنور لا يخافون من الظلال، والمشغولون بالبناء لا يملكون وقتًا للهدم.

بقلم د. عبدالرحمن الوعلان

 

الدكتور عبدالرحمن الوعلان

كاتب رأي ومسرح ومعد برامج ومشرف في ظلال المشهد المسرحي وخبر عاجل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى