كُتاب الرأي

اللهم لبيك

 

تحت إشراف ومتابعة وقيادة حكومتنا الرشيدة حفظها الله تعالى ورعاها تتوافد هذه الأيام المباركة العظيمة مواكب الحجيج إلى مكة المكرمة حيث بيت الله الحرام ، الكعبة المشرفة ، المشاعر المقدسة الشريفة الصفا والمروة ، ماء زمزم المبارك ، الأجواء والأنفاس والأنسام الطيبة الجميلة الهادئة المباركة .

على اختلاف الألوان والأطياف والأشكال واللغات والثقافات يجتمع في أطهر بقاع الأرض وفي أعظم وأكرم وأحسن وأكبر تجمع للبشرية على ظهر الأرض وهذا الكوكب الجميل الحجيج وهم يلبسون الألوان البيضاء ويرفعون أصواتهم بهتاف واحد ألا وهو :

لبيك اللهم لبيك
لبيك لا شريك لك لبيك
إن الحمد والنعمة
لك والملك
لا شريك لك .

هذا النشيد والهتاف الإيماني الجميل والشعار العظيم للحج والحجاج والذي يملأ الأجواء ويزحم السماء الدنيا بما فيه من الطهارة والصفاء والنقاء والحب والمحبة والسرور والفرح والأمل وهو في الحقيقة الاستجابة لدعوة ونداء أبي الأنبياء والمرسلين إبراهيم عليه السلام.

 

ينتظم الحجاج بعد طوافهم بالبيت سبعاً والسعي سبعاً بين الصفا والمروة كذلك ، في الإستعداد ليوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة ؛ فيصلون في مشعر منى صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء وصلاة الفجر قصرا للرباعية من غير جمع وفي أوقاتها .
ولسانهم في يوم التروية كله منذ طلوع شمسه إلى طلوع شمس يوم عرفه هو هذه العبارات والكلمات الجميلة من التلبية لله رب العالمين.

ويمضي الحجاج زرافات ووحدانا إلى مشعر عرفات فيصلون بها صلاة الظهر والعصر جمعاً وقصراً بأذان وإقامتين ؛ ويتوجه الحجيج بعد ذلك إلى جبل عرفة ( الرحمة ) فيكثرون من التلبية والدعاء والتعظيم لله تبارك وتعالى وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيّون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير ) .

ويدفع الحجيج بعد غروب شمس يوم عرفة إلى مشعر مزدلفة فيبيتون هناك ويصلون فيه المغرب والعشاء والفجر ، ثم يدفعون إذا أرتفعت الشمس إلى مشعر منى وهم يلبون ومعهم حصيات سبع لرمي جمرة العقبة الجمرة الكبرى ثم يحلقون أو يقصرون بعد الرمي ومن كان عليه دم ذبح ثم يهبط إلى مكة المكرمة ليطوف بالبيت.

بهذه الأعمال من الحجيج يكونون قد تحللوا ويلبسون ملابسهم بعد تمام النسك ويبقى عليهم رمي الجمرات الثلاث في أيام وليالي التشريق ثم يطوفوا بالبيت العتيق طواف الوداع وبذلك تم للحجيج حجهم وأدوا نسكهم .

تلك الرحلة الإيمانية والتربوية والاجتماعية والدينية الممتعة والجميلة والقصيرة يتعلم ويتدرب ويتقن فيها الحجيج :

أولاً: حسن الظن بالله تعالى والتقرب إليه والتفاؤل والأمل والإيجابية وأن الله تعالى كما وفقهم للوصول إلى بيته والمشاعر المقدسة الشريفة سوف يعينهم على الكمال والتمام .

ثانياً: السير على خطى وسيرة وهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم في تطبيق عملي تدريبي ميداني ؛ فكل أعمال الحجيج عملية تطبيقية من لباس الإحرام إلى الطواف والسعي والمبيت بالمشاعر كلها .

ثالثاً: استشعار ومشاهدة فصولاً من مشاهد يوم القيامة كاجتماع الناس ووحدة ملابسهم ، واقترابهم من بعضهم بعضا ، والزحام والتدافع ، والإلتزام بالوقوف في المكان حتى النهاية .

رابعاً: التطبيق العملي المباشر للنظام الإلهي ؛ فالله تبارك وتعالى خلق المخلوقات والموجودات والكائنات الحية وغيرها وجعل لها سنناً ونواميس وقوانين تحكمها وتحكم تصرفاتها وأفعالها وهي لا تخرج عن سنن الله ونواميسه .

خامساً: التطبيق العملي لفضائل الأخلاق النبوية والإنسانية فالحجيج يتعلمون ويتدربون على أكثر الأخلاق والفضائل التي تقود حياتهم فيما بعد كالصبر والتحمل والتسامح والتغافل والقبول والمحبة والرأفة والرحمة والتعاون والتكاتف والتآلف والمبادرة والإلتزام بالأنظمة والقوانين والانضباط.

سادساً: التضحية بالغالي والنفيس في مرضاة الله تعالى ولأجل الله تعالى ووجهه تبارك وتعالى ؛ فالحجيج جميعاً تركوا أرضهم وبلادهم ومدنهم وبيوتهم القريبة والبعيدة وبذلوا أموالهم وأوقاتهم في سبيل الله تعالى وحده لا شريك له وطمعاً في رحمته ورضاه وجنته الغالية.

سابعاً: التغيير في أفكارهم ومشاعرهم وأحاسيسهم وتجاربهم وخبراتهم فقد عاشوا أيام الحج الأكبر المعلومات والمعدودات فأثروا ولا شك أنهم تأثروا بما تركت فيهم تلك الرحلة الإيمانية.

ثامناً: الصورة الحقيقية الجميلة والأصيلة عن بلدنا المبارك ووطننا الجميل المملكة العربية السعودية وحكومتنا الرشيدة حفظها الله تعالى ورعاها بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله تعالى ورعاه وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله تعالى ورعاه.

تاسعاً: سوف يعود جميع الحجيج إن شاء الله تعالى إلى اوطانهم البعيدة وهم يحملون لمملكتنا الغالية وحكومتنا الرشيدة حفظها الله تعالى ورعاها الصورة الإيجابية الجميلة الحقيقية جزاء ما قدم لهم من خدمات وتسهيلات ومساعدات وحفاوة وتقدير لكل حاج وزائر.

عاشراً: شكرا شكرا شكرا لجهود حكومتنا الرشيدة حفظها الله تعالى ورعاها في كل ما تقدمه في خدمة ضيوف الرحمن من قدومهم إلى مغادرتهم أرض الوطن العالي المملكة العربية السعودية.

المصلح والمستشار الأسري
د. سالم بن رزيق بن عوض.

د. سالم بن رزيق بن عوض

أديب وكاتب رأي وشاعر ومصلح ومستشار أسري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى