كُتاب الرأي

الكشافة العربية السعودية.. عنوانٌ إنساني في سجل العطاء العالمي

الكشافة العربية السعودية.. عنوانٌ إنساني في سجل العطاء العالمي

في اليوم العالمي للعمل الإنساني الذي يُصادف التاسع عشر من أغسطس من كل عام، تتجه الأنظار إلى أولئك الذين وهبوا أنفسهم لخدمة البشرية، وكرّسوا أوقاتهم وجهودهم في ساحات العطاء دون انتظار مقابل، وفي مقدمتهم أفراد الحركة الكشفية، الذين شكّلت مبادئهم التربوية والإنسانية قاعدة صلبة لانخراطهم في العمل الإغاثي والتطوعي؛ وتأتي جمعية الكشافة العربية السعودية في طليعة الجهات التي وُثّقت مواقفها الإنسانية بحروفٍ من ذهب في ذاكرة العمل الإنساني، ليس فقط داخل المملكة، بل في خارطة الجهود العالمية التي تُحتفى بها في مثل هذا اليوم.
منذ تأسيسها، وجدت الجمعية في الأزمات والكوارث ميادينها الحقيقية لترجمة القيم الكشفية إلى ممارسات واقعية، وحرصت على تأهيل قادة وكشافين قادرين على أداء دورهم الإنساني بمهنية ومسؤولية بالتعاون مع الجهات المختصة؛ ولم تكن هذه الجهود وليدة اللحظة، بل تمتد جذورها إلى ستينيات القرن الماضي، حين أطلقت الجمعية حملة تبرعات ضخمة لمساندة منكوبي عدوان 1967م، جمعت خلالها أكثر من 480 ألف ريال ومواد إغاثية متنوعة، وأسهمت في تعزيز روح التضامن بين أفراد المجتمع.
وما بين ألسنة الحريق وأمواج السيول وزلازل الطبيعة، لم يتخلف الكشاف السعودي عن الميدان، ففي حريق مشعر منى عام 1975م نصبوا 1000 خيمة خلال 12 ساعة فقط، وشاركوا بفاعلية في إعادة إيواء الحجاج إثر حادث مماثل عام 1997م؛ كما حضروا بكل تفانٍ لمساعدة المتضررين من زلزال العيص والقرى المجاورة له في عام 2009م، وكذلك في جدة خلال كارثة السيول 2011م؛ وكانت مشاركتهم فاعلة أيضاً في بناء مخيمات للنازحين من محافظة الحرث إبان محاولة تسلل العناصر الحوثية عام 2009، في مشهد يكشف حجم التلاحم الوطني والمسؤولية الإنسانية التي يحملها الكشاف على كتفه.
ويتجلى هذا الدور الإنساني في أعظم صوره خلال موسم الحج، حيث تُسهم الجمعية سنوياً بأكثر من 5000 كشاف يعملون ضمن فرق منظمة بالتعاون مع الجهات الحكومية المختلفة لخدمة ملايين الحجاج، وتكرّر هذا العطاء مع زوار المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة، وأثناء مواسم العمرة، ليكون الكشاف جزءاً من المنظومة المتكاملة في خدمة ضيوف الرحمن.
ولا يمكن الحديث عن الجهود الإنسانية للكشافة دون التوقف عند مبادرة رسل السلام التي انطلقت من المملكة عام 2011، بدعم مباشر من القيادة الرشيدة، وتحوّلت إلى واحدة من أكبر المبادرات الكشفية الإنسانية في العالم، إذ امتدت إلى أكثر من 170 دولة، وتركزت أعمالها على ترسيخ ثقافة السلام وخدمة المجتمعات؛ وقد أثمرت عن مبادرات نوعية، منها تدريب آلاف الشباب في أرمينيا على المسؤولية الاجتماعية، والمساهمة في التنمية الزراعية في إندونيسيا، وحل النزاعات في السلفادور، والتدخل الإنساني في الفلبين وهاييتي ولبنان، ومساعدة اللاجئين والنازحين، بما جعل من المبادرة مثالاً عالمياً يُحتذى في دمج الشباب في صناعة التغيير الإيجابي.
ومع بروز الأزمات الحديثة كجائحة كورونا، برزت الجمعية في تقديم المبادرات المجتمعية مثل السلال الغذائية وكسوة الشتاء، التي استفاد منها عمالة ميدانية ورعاة وأسر محتاجة، في مشهد يعكس فاعلية الحس الإنساني لدى الكشاف السعودي في مختلف الظروف.
وفي اليوم العالمي للعمل الإنساني، تقف جمعية الكشافة العربية السعودية شامخةً بما قدمته من جهود ومبادرات، مؤكدة أن الحركة الكشفية ليست مجرد نشاط شبابي، بل منظومة متكاملة من القيم والإنسانية والانخراط الفاعل في كل ميدان يحتاج إلى التضامن والمساعدة.
 

مبارك بن عوض الدوسري

@mawdd3

مبارك عوض الدوسري

كاتب رأي وإعلامي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى