الأخبار

الكشافة السعودية حضور لافت وصورة مشرفة لشباب المملكة أمام ضيوف الرحمن

 كتبت فصلاً مشرفاً في خدمة الحجاج

الكشافة السعودية حضور لافت وصورة مشرفة لشباب المملكة أمام ضيوف الرحمن

مكة المكرمة – مبارك الدوسري 

اختتمت جمعية الكشافة العربية السعودية أعمال معسكرات الخدمة العامة لموسم حج 1446هـ، في ختام مميز تُوج بالنجاح التام، بعد أن قدم أكثر من 4700 من الفتية والشباب من مختلف مناطق ومحافظات المملكة نموذجاً وطنياً مشرفاً في خدمة ضيوف الرحمن. على مدى أيام الحج المباركة، انتشر المشاركون في 14 معسكراً بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة، حاملين في قلوبهم روح التطوع والإخلاص، ومستشعرين عظمة المهمة التي ينهضون بها خدمةً لحجاج بيت الله الحرام.

منذ تأسيسها، حرصت الجمعية على أن تكون معسكرات الخدمة العامة صورة حية للمواطنة الصادقة والعمل التطوعي البنّاء، وقد جاءت أعمال هذا العام امتداداً لذلك النهج، حيث ركزت على تحقيق عدد من الأهداف السامية، من أبرزها احتساب الأجر والثواب في خدمة الحجاج، والمساهمة الفاعلة مع مختلف الجهات الرسمية لتقديم أفضل الخدمات الممكنة، بالإضافة إلى غرس حب العمل التطوعي وخدمة الآخرين في نفوس الفتية والشباب، وتنمية الألفة وروح الفريق بينهم، وإبراز الصورة المشرقة للكشاف السعودي أمام ملايين الحجاج القادمين من مختلف أنحاء العالم.

وقد تميزت الجهود هذا العام بتكاملها وشموليتها، حيث عمل الكشافة بالشراكة مع مختلف الجهات المعنية بالحج، بدءاً من إعداد وتوزيع أكثر من مليون خريطة إرشادية بأحجام متنوعة وصيغ إلكترونية، مما ساعد على تسهيل حركة الحجاج وإرشاد التائهين في المواقع المزدحمة، كما برز دورهم في مراكز وزارة الحج والعمرة، حيث ساهموا بفعالية في إرشاد التائهين، إما عبر المراكز الثابتة أو من خلال فرق الإرشاد المتجولة المنتشرة في المشاعر المقدسة.

وفي الجانب الصحي، كان للكشافة حضور مؤثر بالتعاون مع وزارة الصحة، حيث ساعدوا المرضى والمراجعين في الوصول إلى العيادات والمستشفيات، ونقلوا الحالات المحتاجة بالعربات داخل المنشآت الصحية في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، كما قاموا بإيصال الحجاج الذين تلقوا العلاج إلى مقار حملاتهم، في صورة تعكس الحس الإنساني العميق الذي يتحلى به أفراد الكشافة.

أما في الشراكة مع أمانة العاصمة المقدسة، فقد أسهموا في تنظيم الساحات المحيطة بجسر الجمرات، ومنع الباعة المتجولين غير النظاميين، والتأكد من حصول المحال على التراخيص اللازمة، ووجود الشهادات الصحية لمزاولي المهن الغذائية، كما راقبوا وضع التسعيرات الرسمية في مواقع البيع.

وبالاشتراك مع وزارة التجارة، شارك الكشافة في مراقبة المواد الغذائية وصلاحيتها داخل المشاعر المقدسة، وقاموا بإزالة التالف منها، كما وزعوا نشرات التسعير على المحلات، وساهموا في ضبط الأسعار داخل مكة والمدينة، مما كان له أثر إيجابي في تنظيم الأسواق خلال أيام الحج.

وفي مشروع الإفادة من الهدي والأضاحي، تولى الكشافة تنظيم دخول الحجاج إلى المجازر، وتوجيههم للمسارات الصحيحة لتفادي التزاحم، إضافة إلى توزيع نشرات توعوية بلغات متعددة، والمساعدة في إيصال الحجاج التائهين إلى مراكز الإرشاد.

كما شاركوا بفعالية في دعم رجال الأمن، ضمن جهود “أمن الحج”، حيث انتشروا في المسجد الحرام، يقدمون الدعم والمساندة بما يعكس مدى انضباطهم واستعدادهم لتحمل المسؤولية في أكثر المواقع حساسية.

هذا النجاح الكبير لم يكن ليمر دون إشادة وتقدير من القيادة الرشيدة، فقد تشرّفت الأسرة الكشفية المشاركة في معسكرات الخدمة العامة بلقاء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الذي استقبلهم ضمن وفد من الأمراء والعلماء والمشايخ والوزراء وقادة القطاعات الأمنية في الديوان الملكي بقصر منى، نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله – في مشهد وطني تاريخي، عبّر عن مدى اهتمام الدولة بكل من ينهض بدور فعّال في خدمة الحجاج.

كما التقى صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز، وزير الداخلية ورئيس لجنة الحج العليا، نائب رئيس الجمعية والمشرف العام على معسكرات الخدمة العامة الدكتور عبدالرحمن بن إبراهيم المديرس وعدداً من القادة والكشافين والقائدات المشاركين، حيث أشاد بجهودهم، وشجعهم على مواصلة هذا النهج في خدمة ضيوف الرحمن.

ولم يقتصر التقدير على القيادة الإدارية، بل امتد إلى الرموز الدينية، حيث استقبل سماحة المفتي العام للمملكة، الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، بمقر إقامته في مشعر منى، وفد الجمعية، وأثنى على جهودهم، ودعا لهم بالتوفيق والسداد، مشيراً إلى أن ما يقومون به من عمل هو من أعظم القربات إلى الله عز وجل.

في ختام هذا الموسم المبارك، تُعرب جمعية الكشافة العربية السعودية عن بالغ شكرها وتقديرها لكل الجهات التي أسهمت في إنجاح معسكرات الخدمة العامة، كما تفخر بأبنائها من الفتية والشباب الذين جسدوا أروع صور العطاء والانتماء، مؤكدة أن هذا النجاح ما هو إلا محطة في مسيرة متواصلة من التميز والإخلاص في خدمة الوطن وضيوفه الكرام.

لقد كان حج هذا العام مناسبة عظيمة جسدت فيها الكشافة قيم التضحية والتفاني، وأثبتت من جديد أن شباب المملكة، بروحهم الوطنية وهممهم العالية، قادرون على حمل الأمانة وأداء الرسالة بكل صدق وإخلاص.

مبارك عوض الدوسري

كاتب رأي وإعلامي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى