“نأخذها اليوم… ونرجعها بكرة”

✍️ عبدالله فايز الحائطي
“نأخذها اليوم… ونرجعها بكرة”
عن ثقافة الاستسهال والاستهتار بالمسؤولية
“نأخذها اليوم… ونرجعها بكرة”، عبارة نسمعها كثيرًا في محيطنا، تُقال بنبرة خفيفة، وكأنها لا تحمل في طياتها سوى نية مؤقتة للاستعارة أو الاستفادة السريعة. لكنها في الحقيقة تعبّر عن عقلية أكثر عمقًا وخطورة؛ عقلية تعتمد على الاستسهال والتهاون في الحقوق والمسؤوليات.
هذه العبارة قد تُقال عند استعارة كتاب، أو جهاز، أو حتى سيارة، وغالبًا ما يتأخر “بكرة”، أو لا يأتي أصلًا. وهنا تكمن الإشكالية: هل أصبحنا نميل لتبرير التساهل في الالتزام ونُلبسه لباس العفوية والنية الطيبة؟
في واقع الأمر، هذه الثقافة تؤسس لنمط سلوكي سلبي يعكس ضعف الالتزام، وقلة احترام للآخرين وحقوقهم، بل وأحيانًا يدل على استهانة واضحة بالمسؤولية الشخصية والاجتماعية. فالمجتمعات لا تنهض فقط بالقوانين، بل أيضًا بمنظومة القيم اليومية التي تحكم سلوك الأفراد وتعاملهم مع بعضهم البعض.
“نأخذها اليوم… ونرجعها بكرة” ليست مجرد عبارة، بل أصبحت رمزًا مصغرًا لتراكمات أكبر: تأجيل في الإنجاز، تهاون في المواعيد، عدم الوفاء بالعهود، بل حتى ضعف في ثقافة الأمانة.
لنكن صريحين: نحن بحاجة لتصحيح هذه المفاهيم، وأن نعيد غرس ثقافة “الاستعارة بمسؤولية”، والالتزام بالوعد، والحرص على رد الأمانات في وقتها. فالأمانة لا تتجزأ، والمسؤولية لا تعرف الأعذار.
في النهاية، لا ضير في أن نستعير، أو نطلب، أو نشارك، لكن بشرط أن نرد ونفي ونحترم.
ولعل أول خطوة نحو ذلك، أن نتوقف عن ترديد هذه العبارة… وأن نبدأ بالقول:
“نأخذها اليوم… ونرجعها في وقتها.
كاتب رأي