الغروب… حين تمتزج ألوان السماء بذكريات الراحلين

فاطمة الحربي
الغروب… حين تمتزج ألوان السماء بذكريات الراحلين
عندما تتوارى الشمس خلف جبل عير، ويلتحف الأفق بسحبٍ برتقالية تتدرج نحو الأرجواني، يكسو المدينة مشهدٌ من الجمال الهادئ. إنه الغروب، تلك اللحظة التي تقف فيها الطبيعة على حدود النهار والليل، كأنها تتأمل ما مضى قبل أن تغرق في سكون المساء. الضوء يتلاشى تدريجيًا، والألوان تحتضر ببطء، وكأنها تلقي نظرتها الأخيرة قبل أن تسدل الستار
لكن، كما تغيب الشمس كل يوم، هناك أرواح في حياتنا تغيب أيضًا. بعضهم يرحلون بلا وداع، يتركون خلفهم أطيافًا من الذكريات، ووهجًا يخبو تدريجيًا كما تفعل الشمس في الأفق. تمامًا كما نحدق في الغروب بشيء من التأمل والحزن الدافئ، نقف أحيانًا أمام غروب أشخاص كانوا يومًا شمس أيامنا، فنشعر بذلك الفراغ الذي يملأ المكان بعد رحيلهم.
لكن هل الغروب نهاية؟ أم أنه وعدٌ بشروقٍ جديد؟
الشمس حين تغيب، تترك لنا الليل لنتأمل، لنهدأ، لنفكر. وكذلك غياب البعض يمنحنا الفرصة لإعادة ترتيب ذواتنا، لإدراك أننا قادرون على الاستمرار رغم الفراغ، وأن الحياة تمضي، حتى وإن خلت من بعض الوجوه التي اعتدناها.
الغروب ليس فقط نهاية النهار، بل هو درسٌ في التقبل. يعلمنا أن الوداع جزء من الرحلة، وأن الألوان التي خفتت اليوم ستعود غدًا في شروقٍ جديد، مختلف لكنه جميل بطريقته الخاصة. فليكن غروب الأرواح في حياتنا بدايةً لضياءٍ جديد، نتعلم فيه كيف نعيش، حتى بعد رحيل من اعتقدنا أن الحياة لا تمضي بدونهم.