العواطف الأحادية وأثرها في موت المشاعر

يقول : فاراز كازي- أديب هندي- ألم تسأل نفسك يومًا عن الطريقة التي يمكن أن تقتل بها نفسك دون أن تموت!! الأمر بسيط أحبَّ شخصًا لا يحبك.
بينما وليام شكسبير يرى أننا كالأطفال عندما نحب ، فلا نحسن التفكير ، ولا نقوى على التحمل، نفرح بالاهتمام ولكن الإهمال يبكينا.
إنّ الباحثين في مجال علم النفس يرون أن للحب ركائز ست أولها الاهتمام ، كون الاهتمام باعث رئيسي لبناء الثقة، ثم تنشأ الألفة، بعدها يظهر الأنس، بالتالي يأتي الوفاء، وتظل الاستمرارية هي أقوى عنصر من تلك العناصر الضامنة لعلاقة دائمة وأي نقص لواحد منها يعكس نقصًا في العلاقة بأكملها.
إذن ينبغي علينا تعزيز جانب العلاقة لكيلا تنشأ بصورة أحادية يظل أحد الطرفين يعاني مما يسبب موت المشاعر فلا يقوى بعدها على الاستمرار أوالشعور بطعم الحياة.
ولكي يكون لدينا وضوحًا تامًا لعلاقة صحية قائمة على العناصر الست الآنفة الذكر فمن الضرورة أن نسأل أنفسنا عدة أسئلة قبل أن نغوص في أي أمر عاطفي قد يسبب لنا مشكلات تنشأ ثم تموت سريعًا كونها نشأت تحت ظرف أحادي محض وهي:
كيف يمكننا أن نعرف أن الحب من طرف واحد؟
كيف يمكننا أنّ نفهم هذا الحب؟
كيف نعرف أنه حب حقيقي له طابعه الخاص أم أنها مشاعر تختبئ تحت مفاهيم أخرى؟
بالقياس على العواطف الأحادية، فإن النقصان لواحدة من تلك الركائز سوف يكون سببًا مهلكًا بلا شك ، فالجهد الذي يبذله طرف واحد دون أن يستقبل ما يوازيه من الطرف الآخر هو علاقة غير مكتملة يغيب عنها تبادل العواطف ويكون باعثًا من بواعث انهيار العلاقة.
ومن خلال الدراسات التي أجريت على أسباب موت المشاعر عند طرف من الأطراف نجدها خلصت إلى:
إن تركيب هذا النوع من العواطف الباردة يصل معه الفرد إلى نقطة يجد فيها نفسه في علاقة غير مفهومة يسودها النقصان ويشوبها الغموض وكل ذلك بسبب أن أحد أطراف العلاقة له تطلعات مختلفة تمامًا عن الآخر وأنه من الممكن أن يكون أحدهم يتطلع لانتهاء العلاقة بالارتباط بينما الآخر يرى أنها علاقة مقدّر لها أن تنتهي.
من هنا يأتي التباين في التطلعات بين الطرفين ويكون نذيرًا لتدمير العلاقة أساسًا، بالتالي يصبح من شأنه أن ينشئ مَدخلاً لضياع الجهود التي بذلها أحد الطرفين نظرًا لتدفق المشاعر بكثافة عالية دون جدوى.
سبب آخر يجعل من العواطف الأحادية تكون غير قابلة للإنعاش نجدها في: الاشتياق المستمر من الطرف المحب لمزيد من المشاعر والمصارحة والبوح ويظل يجاهد ويقاوم في سبيل بقاء العلاقة ويطلب المزيد من الاهتمام بينما الآخر يفتقد المبالاة وروح المبادرة، يكون متحفظًا في مشاعره أقرب إلى التصحر منه إلى الخصوبة أو أنه يسير بطريقة بطيئة تجاه الطرف المحب.
وهناك أسباب أخرى ترجع إلى شخصية الطرف المحب تكون في تركيبته النفسية وتُوقعٍه دون قصد في تقدير العلاقة على هيئة مسؤولة ، كأن يكون من الأنماط القلقة أو الخائفة من الفقد وقد يكون من الشخصيات المرتابة على مصير العلاقة فيضغط بأقصى قوته نحو توفير الحماية لها من طرفه هو ، بينما الطرف الآخر يعرف تمامًا أنه لن يتم التخلي عنه بسهولة ما يخلق لنا تآكل عند الطرف المحب فيخبو بريق مشاعره حتى تنضب فتموت في نفسه.
يجب على الإنسان أن يتعلم كيف يتخذ القرار قبل أن يدخل في مثل هكذا علاقات والأهم من هذا وذاك ألا يكون القرار فرديًا.
فهذا النوع من العلاقات الأحادية يمكن أن تساهم في تدمير حياة بأسرها ، إذا لم تشتمل على الركائز الأساسية لإقامة علاقة صحية بين طرفين والتي من شأنها في حال اكتمالها التأثير بصورة إيجابية على مصيرهما.
إنه من الواجب لكي نحافظ على علاقاتنا مع بعضنا البعض -أقول من الواجب علينا- أن يكون لنا هدف نسعى إليه ونعمل على تطويره لينشأ عندنا السيطرة على السلوك والبحث عن المزايا وتبادل المنفعة ببن تلك المزايا ، للوصول إلى المشتركات والعمل المستمر على فهم خصائصنا وخصائصها والسعي لعدم إحداث المقارنات بين ما مضى من علاقات وبين ما نبحث عنه ونرغب الوصول إليه.
في الختام لقد درس أهل الاختصاص مراحل العلاقة العاطفية ووجدوا أن تجاوز لواحد من الاتفاقات قد ينشأ عنه رد فعل عاطفي شديد بطريقة معاكسة للمتوقع ، تؤدي إلى اصطدام المشاعر بحاجز يجعل الاقتراب من الطرف الآخر صعبًا للغاية ما يسبب موت المشاعر وانتهاء العلاقة للأبد.
انتهى.
علي عيضة المالكي
كاتب صحفي و اعلامي