كُتاب الرأي
العشر الأولى من شهر رمضان المبارك

د. سالم بن رزيق بن عوض
العشر الأولى من شهر رمضان المبارك
أستقبل المسلمون والمسلمات إطلالة هلال شهر رمضان المبارك بالحفاوة والدعوات ، والسعادة والأمل ، والحبور والبهجة والتفاؤل والسرور والفرح ، والعمل الصالح الخالص على القيام بالصيام و صلاة القيام ، وتلاوة القرآن الكريم والبذل والعطاء والصدقات والبر والصلة .
إنهم يؤمنون بأن شهر رمضان المبارك ضيف كريم من قبل الله تعالى ؛ فيجب القيام بحق الله تعالى فيه خير قيام ! ويجب الإلتزام بالاتقان والإحسان في جميع الأقوال والأعمال التي يتوجهون بها إلى الله تعالى ؛ فالعبادة في مرتبة الإحسان مسؤولية كبيرة وعظيمة وهي كذلك تمثيل للعبادة الراقية المتقبلة بإذن الله تعالى.
لذا تراهم يهنئون بعضهم بعضاً بإطلالة وقدوم الشهر الكريم ؛ ويزينون بيوتهم ومنازلهم وبعض مركباتهم ومحلاتهم وشوارعهم بأنواع وأصناف الزينة والتزين الجميل الذي لا يعرف إلا في شهر رمضان المبارك ،كذلك يعدون له التموين الخاص به ، وكذلك المأكولات والمشروبات التي يعرف بها شهر رمضان المبارك!
في إطلالة طلائع العشر الأولى من شهر رمضان المبارك ينغمس المسلمون والمسلمات والمؤمنون والمؤمنات في شوق ورغبة ومحبة ورحمة في جميع العبادات والقربات المحافظة على أداء الصلوات الخمس في المساجد !المحافظة على التلاوة الخاشعة للقرآن الكريم !المحافظة على أداء صلاة التراويح والقيام !المحافظة على أداء سنة إفطار الصائمين والصائمات المحافظة على البقاء أطول وقت ممكن بعد أداء الصلوات المحافظة على الجلوس على مائدة الإفطار جماعة وغيرها من العبادات والقربات المشروعة !
إقبال المسلمين والمسلمات على تنويع العبادات والقربات في العشر الأولى من شهر رمضان المبارك ! من الأمور الجليلة والجميلة والعظيمة والتي حث عليها القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ، وكان السلف الصالح يرون هذا من توفيق الله تعالى للعبد ؛ يقول الحسن البصري رحمه الله تعالى فيما يخص تنويع العبادات في شهر رمضان المبارك : إن الله تعالى جعل شهر رمضان المبارك مضمار وميدان سباق والصائمون والصائمات يتسابقون في هذا المضمار العظيم الكبير والجوائز هي مغفرة الله تعالى وجناته والفردوس الأعلى منها .
وتبقى قوة وإشراقة البدايات في العشر الأولى من شهر رمضان المبارك تتعلق بها قوة السير الصحيح في العشر الوسطى والعشر الأواخر من شهر رمضان المبارك ! فكلما اجتهد الصائمون والصائمات ، وشمروا عن سواعد الجد والاجتهاد ، في جميع العبادات والقربات في شهر رمضان المبارك ! كلما كان ذلك هو العون والمدد والقوة من الله تعالى للوصول إلى رتبة الإحسان في جميع العبادات والقربات في العشر الوسطى أو العشر الأواخر من رمضان المبارك .
العشر الأولى من شهر رمضان المبارك هي مرحلة كسر العادات والتقاليد التي كانت عليها النفوس البشرية والأرواح الآدميّة المطمئنة المؤمنة في دائرة المباح قبل دخول شهر رمضان المبارك ! فأصل صيام شهر رمضان المبارك هو الامتناع عن تناول المآكل والمشارب والمناكح المباحة أصلاً قبل دخول شهر رمضان المبارك في النهار رمضان والإباحة لها من بداية قدوم الليل حتى مطلع الفجر !
العشر الأولى من شهر رمضان المبارك هي مرحلة الإلتزام والثبات والوفاء في عهود الإسلام والإيمان والإحسان بين المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات وبين ربهم تبارك وتعالى !
العشر الأولى من شهر رمضان المبارك هي مرحلة التدريب على الصبر والمصابرة والمعاهدة والمراقبة والمحاسبة والمعاقبة والمجاهدة والتحمل بين الصائمين والصائمات غفر الله تعالى لهم ، وتقبل منهم جميل أعمالهم وعباداتهم ، وبين دين وهدي نبيهم صلى الله عليه وسلم !
العشر الأولى من شهر رمضان المبارك هي البداية الحقيقية في التفوق والتميز والنجاح والفوز والفلاح في مدرسة الصوم الحقيقية ؛ والتعليم والتعلم والتنشئة والتهذيب السليم والتقويم والتطوير على تربية النفوس البشرية والأرواح الآدميّة المطمئنة على جميع فضائل الأخلاق والصفات النفسية الحميدة الجميلة كالإخلاص والصدق والصبر والمصابر والمجاهدة والتوبة والتوكل والحلم واليقين !
في العشر الأولى من شهر رمضان المبارك على الصائمين والصائمات ألا يحرموا أنفسهم من طرق جميع أبواب الخير والفضل والصلاح والبركة ، واستفتاح جميع أبواب الجنة الثمانية ؛ باب التوحيد لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، باب الصلاة ، باب الصوم ( الريان ) ، باب الصدقة ، باب الجهاد في سبيل الله( الحج والعمرة والأعمال التي تحتاج إلى القوة والاجتهاد… ) ، باب البر والصلة ، الباب الأيمن من أبواب الجنة.
سعادة الأستاذ العزيز محمد بن علي
القرني رئيس قسم الوعي الفكري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…
يطيب لنا أن نهنئكم بقدوم شهر رمضان المبارك ونسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يعينكم على الصيام والقيام وقراءة القرآن الكريم والتوفيق والسداد لجميع أبواب الخير والفضل فيه .
لكم منا كل الشكر والتقدير والثناء على قراءتكم للمقال والوقوف على محاوره ومحتواه ، وما أضفتموه من كلام نفيس جميل ورائع يصدق فيه ما تملكون من أسلوب راق ! وعبارات نفيسة جميلة ورائعة وساحرة توصلون بها المعاني المفيدة إلى القراء .
وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال والأقوال في شهر الخير والفضل والبركة.
الدكتور سالم المفضال، لقد أبحرتَ في سطورك نحو ضفاف شهرٍ يطيب فيه المكوث، ويعذب فيه التبتل، فكان لك في وصفك انسيابٌ كماء السلسبيل، وعذوبةٌ كندى الفجر حين يقبّل أوراق الياسمين، فازدانت حروفك برونق الإحسان، وتوشّحت بسندس السكينة والتدبّر
ورسمتَ بمداد البيان لوحةً تعجّ بالنفحات الروحانية، تطرّزت فيها معاني التهيّؤ والاستعداد، فكان لك في كل جملة شعاع، وفي كل فقرة سراج، كأنك تهمس للقلوب قبل الآذان، وتبعث النور لمن استنار، وتستنهض الهمم لمن أراد أن يلحق بركب السباقين في هذا المضمار العظيم.
حقًا، العشر الأولى هي أولى خطوات السالكين في دروب الصفاء، وهي ميزانٌ يقيس مدى قدرة النفس على التحرر من قيود الاعتياد، وهي الميدان الأول الذي يُختبر فيه الصبر، فإما أن يكون الصائم من النابهين الذين يلزمون أبواب الرقيّ، وإما أن يكون من أولئك الذين لا يدركون أن البداية القوية هي أعظم زادٍ للوصول إلى قمم الإحسان
بورك لك القلم، ونفع بك البيان، ونسأل الله أن يجعلنا وإياك من الفائزين بمغفرته، لا في عشرٍ دون عشر، ولا في ليلة دون ليالٍ، بل في الشهر كلّه، وفي العمر أجمع
أخوكم – رئيس قسم الوعي الفكري
محمد بن علي القرني