كُتاب الرأي

الطفولة روح من الجنة

     الطفولة روح من الجنة

من ذالك الركن الهادىء ومن تلك   اللحظة الحالمة على أوتار الخريف وبدايات الشتاء مع نسماته الباردة،
تحت أشجار اليمون، والرمان بل هناك العتب المورق ،والنخيل ذات أكمام استرجعت طفولتي….
الطفولة هي الدفء الذي يشكل انسجاما مع الذات في زمن جميل انتهي ،وبقي في حنايا القلب ،وأطياف الخيال …حيث تبتسم الروح ،وتسكن الذاكرة ،زمان لا يشببه زمان ،ومكان  لا يستبدل بمكان،كانت الحياة لوحة عطر وردية  مرسومة من فرح وأحلام وسعي وراء  الامال…
أحلامنا صغيرة تتراقص تحت ضوء القمر، يكفينا من الدنيا بيت من روح وريحان بين أمان الأب ،وحنان أم معطاء ،وجمال إخوة بقلوب بيضاء
أمام تلك الشاشة الحالمة ،تبدأ الموسيقى التي لازلت ترن في قلبي حتى اليوم : “ليدي ليدي، ليدي ليدي…”، تلك الأغنية لم تكن مجرد لحن، بل مفتاح لعالم آخر، عالم وردي نقي يحمل قصص الحب، الصداقة، والبراءة.
لم يكن “ليدي ليدي ”مجرد مسلسل ، بل كان مرآة لأحلامي الصغيرة. أرتدي الفستان الأبيض وأركض بين الحقول الخضراء وان أكن راقية بأخلاقي ،كما كانت هي راقية، أتقمص الدور بروح الطفلة التي ترى عالمها كعالم الخيال الأجمل ، بقلب أبيض ، يرى الناس ملائكة لايمكن أن يصدر منهم أذى علّمني المسلسل أن الأرستقراطية الحقيقية لا تُقاس بالمال بل بالرقي الإنساني والصدق والإخلاص، لا زلت أحنّ لتلك اللحظات التي كنت أعيشها دون وعي بقيمتها. أشتاق لتلك النسخة الصغيرة مني، التي كانت تبكي مع ليدي وتصفّق لها حين تنتصر. ما زل العالم كله يتوقف حين تبدأ الحلقة الأولى ، لم تكن ليدي جزء من طفولتي فحسب بل كانت معلمًا،ودفتر مفتوحًا لأحلامي  ،واليوم كلما شعرت بالضيق،أعود إليها
أستعيد الأغنية وأغمض عيني فأعود تلك الطفلة من جديد ..بعض من التسلسلات المدبلجة  تحمل رسائل أعمق ،لم تكن فقط للتسلية، بل كانت دروسًا في الوفاء، في الصبر، في الحبّ العفوي، في الألم   الجميل الذي لا يكسر القلب بل يصقله الكابتن ماجد وألم صديقه مازن توقفنا عندها مرات ومرات وكأن قلوبنا توقفت ! السندريلا البرئية كانت أحلام الجميلات
،يتحقق المستحيل كي تكون الفقيرة أميرة
وسيدة أنيقة …عالم لاينتهي سعادة وجمال ..
ألا ليت الطفولة تعود …لكن الجميل غاب
معها …
  دَعْنِي أُمَتِّعُ بِالتَّذَكُّرِ خَطْرَتِي
  وَعَلَى الطُّلُولِ أُمَتِّعُ النَّظَرَاتِ
  زَمَنٌ تَوَلَّى مِنْ رَبِيعِ حَيَاتِنَا
   فِي ظِلِّهِ مَا أَجْمَلَ الأَوْقَاتِ
كل شيء كان جميلاً بطريقة لا تُعاد. كانت البيوت دافئة ،نكتب الأحلام في دفاتر المذاكرات الصغير،تسلية وفرحًا
لم ندرك أن العمر سريع وتبقى حقًا ذكريات ،لا نستطيع ان نقراها مرة أخرى …
هي ذكريات لم تزل
محفورة في خاطري
هي ذكريات لم تزل
تسقي خريف الشاعرِ
يا واحة العمر الجديب
على الطريق الساحرِ
من لديه طفولة عزيزة يظل طول عمره مولها ،لن يسليه الحاضر وإن جملت
أيامه لان الطفولة حلم لا يتكرر ،شعور صادق لا نعرف الأقنعة ولا نخشى الانكسار ،والحزن بكاء ينتهي بلحظته
“حنيني للطفولةِ ليسَ يَخبو
كأنّي لستُ أبلغُ من صِبايَ”
ليت الزمان يعود. ليتنا نستطيع أن نعود لحضن الطفولة، نعيش بين الورود الورقية، وأقلام التلوين ،زمنٌ لا يُشترى، ولا يُعاد. لكنه يعيش فينا…في ابتسامةٍ عابرة، في صورةٍ قديمة، في صوتٍ من الماضي، أو في دمعة حنين.
خذني إلى عمر الصغار فإنني
لي بينهم…… مستودع ومآب

       بقلم أ/أماني الزيدان

اماني سعد الزيدان

كاتبة رأي ورواية مسرحية ومشرفة على في ظلال المشهد المسرحي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى