كُتاب الرأي
( الحروب في عهد ترامب )
محمد سعد الربيعي
( الحروب في عهد ترامب )
حقيقة مؤكدة أنني لا أدري من أين وكيف أبدأ ! لأتناول الحديث عن عنوان مقالي ، الشيء المؤكد أن ترامب إستنسخ قيادته للحروب في الشرق الاوسط ، وخلافها في العالم لادارته لحلبة المصارعة التي كان يتشابك أحياناً فيها مع المصارعين ، والمشرفين على تلك الحلبات ، وطبق ماكان يمارسه من تمثيل قتالي على مايحدث حالياً في الحرب التي دارت رحاها بين ايران واسرائيل .
قد يتسأل القارئ عن كيفية محاولة التطبيق بين الحالتين ، فأقول أنه من المعروف أن المصارعة التي كنا نشاهدها ونتفاعل معها بتعليق الاستاذ عبدالرحمن الراشد رحمه الله ، وننتظر حلقتها الاسبوعية عندما كنا في مرحلة المتوسطة ، ولكن عندما كبرنا وحاولنا أن نتابعها وجدنا أننا محل مزاح وسخرية من الآخرين حيث فهمنا وقتها أن مايحدث هو مجرد تمثيل وإجادة في حركات رياضية بهلوانية ، ومنذ ذلك انقطعنا عن متابعة ومشاهدة حلقات الراشد حتى ان انتهى برنامجه الجميل بوفاته يرحمه الله .
لو نعود للوراء قليلاً ونتذكر منذ بداية الثورة في ايران ، وافتعالها للحرب مع العراق ، وبعد سقوط العراق في براثنها بدأت تتمدد وتخلق ذيول لها في مختلف الدول العربية المجاورة حتى أن وصل الحد بها للتصريح بالاستيلاء على أربع عواصم عربية ، وبعد طوفان الاقصى وتوريطها لحركة حماس في تلك الحرب التي قضت على الاخضر واليابس ، ولمحاولة استخدامها (ايران) لنتيجة ما وصلت له حالة البؤس في غزه ، ولتدخل ذيلها في لبنان في محاولة للضغط على اسرائيل ، قامت الاخيرة بتنتيف ريش ذيول ايران وقص أجنحتهم في المنطقة ، بل طردهم وملاحقتهم واغتيالهم حتى ان وصلت الحال باسرائيل لقلب طهران وإصطيادها لكل من تريدة على المساحة الايرانية التي تتجاوز مليون وستمائة كم 2 ، بما في ذلك تدمير البرنامج النووي الايراني .
ونتيجة لهذه الحرب التي وضعت أوزارها صباح هذا اليوم الثلاثاء الموافق 6/24 والنتيجة المخزية التي تعرضت لها ايران رغم محاولاتها ضرب اسرائيل ، ولكن عندما نعود ونتذكر ماكانت تدعيه ايران من تطوير لقدراتها الدفاعية والهجومية على مدار قيام ثورتها التي تجاوزت أربعون عاما ، نلاحظ أن كل ماذهبت له قيادة الملالي في ايران هو مجرد بناء ذيول في الخارج وتصدير الارهاب للعالم ، ونشر المعتقد الشيعي الذي تزعمه ! والكذب على جمهورها ومواطنيها من تصوير فارغ لقدراتها الدفاعية والهجومية ، وكان كل ذلك هو مجرد ذر رماد في عيون المواطنيين الايرانيين ، وكل من دار في فلك هذه الدولة المجوسية التي أضلت الاسلام والمسلمين .
ولنعود للشيخ ترامب وقيادته لهذا الصلح القبلي بين خامئني ونتنياهو ، فقد مثل على العالم ونسق في تهدئة الوضع من خلال إبلاغ الطرفين بما سيقوم به ، وكأن الشيخ ترامب عاش وتربى بين قبائلنا في المنطقة وتدخل في صلح لما يحدث احياناً بين بعض القبائل او الاسر من اختلاف بينهما ، ومايقوم به من تمهيد الطريق للصلح وردم الهوة بين الطرفين ، مع غض الطرف عن الاخر حتى أن يحقق بعض ما يُمكنه أن يُنجح محاولته تلك من خلال تطبيق قاعدة لايموت الذيب ولاتفنى الغنم ، هو هكذا قام ترامب ، أعطى الفرصة للايرانيين رغم هزيمتهم الساحقة في نقل بعض ما يقاتلون من اجله ، وايقاف نتنياهو الذي وهن عزمه وخشيته من استدامة الحرب لمدة يفقد فيها الاخير سيطرته على الوضع الداخلي في دويلته.
انتهت الحرب بسيناريو غريب يختلف عن كل الحروب التي تدار بسرية كبيرة ، وخدع ينفذها طرفي الحرب ضد بعضهما البعض ، وتحقيق المفاجأة وبالتالي النصر لطرف ضد آخر ، او على الاقل تتوازى الخسائر وتتدخل الدول من أجل ايقاف مثل هذه الحروب والنزاعات التي في بعض الاحيان تمتد لسنوات طويلة ، ولعل الحرب الروسية الاوكرانية هي دليل على مايدور في جبهاتها والتي وعد الشيخ ترامب بإنهائها منذ الاسبوع الاول لاستلامه السلطة في ولايته الثانية لأمريكا .
مانخشاه ويخشاه العالم الان هو أن تنشأ خلافات وحروب تمتد لاسبوع وتنتهي في اقل من اسبوعين تخلق فيها الكثير من الخسائر ، وتكون نهايتها نهاية تراجيدية من تدخل للشيخ ترامب وقبضته المشيخية في نهاية الصراعات العالمية الدولية ، ولعلنا هنا أيضاً وطالما نجحت مساعيه في ايقاف حرب الاثنا عشر يوماً بين اسرائيل وايران أن يقوم هو ومن يرتضيه الجانبين الروسي والأوكراني من مرضوية وشيوخ دول أخرى للتوسط في انهاء النزاع الروسي الاوكراني ، وهو مانعتقد أن يذهب له ترامب مباشرة وخاصة بعد نجاحه في انهاء الصراع في الشرق الاوسط وتهنئته للعالم بذلك .
نتمنى من الشيخ ترامب أن لايفقد في ظل هذا النجاح أن يضع شروط بين القبيلتين اسرائيل وملالي ايران في أن يبقى كل طرف في محله ويحفظ ماه في سماه ، ولايتدخل فيما لايعنيه ، وذلك لأن بقية قبائل العالم كله يعرف ان هاتين القبيلتين هما من يمارس خلق المشاكل ، وإثارة الصراعات ، ونقل النميمة بين بقية قبائل المنطقة ، ومحاولة زيادة نفوذ كل قبيلة وتمددها في أراضي القبائل الاخرى.
هذا أيه القارئ الكريم تسطيح لما حدث ويحدث في المنطقة ، ونحن المعنيين بكل مايستجد فيها ، بل نحن المقصودين من هذه الحرب التي دارت كما أسلفت رحاها بين اسرائيل وايران ، وهي محاولة لفرض الامر الواقع ، وتقليم أظافر ايران التي تمارس الخدعة والتقية في تعاملها مع دول الخليج بالذات والمنطقة بشكل عام ، وهي تقرأ تلك المحاولات من اسرائيل ودول العالم ، ومكشوفة أهدافها التي تزعم من خلالها اقتسام الكعكة ، او على الاقل تريد ايران ان تعرف نصيبها من كعكة الشرق الاوسط التي نحن المعنيين بها ، وعلى ضوء ذلك يجب أن تعرف الدول الخليجية والدول العربية أنه لن يهدأ لايران بال مالم تثير الزوابع في المنطقة ، وتخلق الفوضى وتعيد بناء ذيولها ، وهي ورغم كل ماحدث لها من هزيمة لن تتراجع عن برنامجها وتخصيبها النووي واستهداف دول الخليج اولاً وقلب أنظمتها ، هو هذا ماتسعى ويسعى له ملالي طهران ولن تحيد عنه قيد أنملة ، فهل نتذكر ونضع ذلك نصب أعيننا كمواطنيين ومسئولين خليجيين وعرب ، أم سنغفوا ونصحى يوماً وايران قلبت الخليج رأساً على عقب!؟
