كُتاب الرأي

الشهرة: فنّ الظهور والبقاء في الضوء

الشهرة: فنّ الظهور والبقاء في الضوء

الشهرة ليست مجرد حالة طارئة من الاهتمام بل هي ظاهرة اجتماعية معقّدة  تتطلب الكثير من المهارة والوعي والقدرة على إدارة الذات أمام عدسات الإعلام وعيون الجمهور. 

هي حالة من التقدير أو الانبهار ينالها الفرد نتيجة تميّزه في مجال معين كالفن أو الرياضة أو السياسة لكنها لا تُبنى فقط على الموهبة بل تعتمد على كيفية الظهور واستمرار البقاء في دائرة الضوء.

من أراد أن يدخل عالم الشهرة فعليه أولًا أن يُتقن فن الظهور. 

الظهور الذكي لا يعني فقط الحضور في المناسبات أو الشاشات بل يشمل بناء صورة متكاملة تعكس هوية الشخص وقيمه ورسائله. 

هذه الصورة تُبنى عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي وتتغذى من طريقة التفاعل مع الجمهور وطبيعة المحتوى الذي يقدمه ومدى صدقه واتزانه أمام العلن.

ولعل من أبلغ التشبيهات لحالة الشهرة أنها أشبه  بـ  (برج ) شاهق من المتابعين يختلف ارتفاعه بحسب مقدار الشهرة ويتكون من هيكل داخلي وغطاء خارجي. 

الهيكل الداخلي يمثل النقاد الحقيقيين والمتابعين الواعيين القادرين على التمييز بين القيمة والتلميع وهم أساس استقرار البرج وثباته. 

أما الغطاء الخارجي فهو جمهور عريض من المتابعين الذين ينجرفون خلف الاسم دون وعي بالمحتوى يصفقون لمجرد أن الآخرين يصفقون في تكرار لمشهد (مع الخيل يا شقراء). 

هذا الغلاف الخارجي يمنح البريق لكنه لا يضمن الاستمرار ما لم يكن الجوهر متينًا.

الشهرة ليست طريقًا مفروشًا بالورود. 

فكلما ارتفعت الأضواء ازدادت التحديات. 

المشهور يعيش تحت المجهر حيث تُفحص كلماته وتُحلل تصرفاته ويُعاد تأويل كل شيء يقوله أو يفعله. الضغوط النفسية فقدان الخصوصية والتعرض للانتقاد المستمر قد تجعل من حياة المشهور دائرة مغلقة من الحذر والانضباط والتوتر الدائم.

ورغم هذه التحديات تبقى الشهرة وسيلة قوية للتأثير والتغيير

الشخص المشهور يمتلك منبرًا يُمكنه من إيصال أفكاره وقيمه لجمهور واسع وفتح آفاق جديدة في حياته المهنية والشخصية. 

قد تكون الشهرة بوابة للفرص ومصدرًا للنفوذ وأداة لدعم القضايا الإنسانية والاجتماعية.

في نهاية المطاف الشهرة ليست مجرد لفت للأنظار بل هي مسؤولية تتطلب وعيًا وإدراكًا لما تحمله من أثر. 

هي فنّ يحتاج إلى توازن دقيق بين التألق والحذر بين الحضور والتجدد بين الرغبة في التأثير والخوف من السقوط. 

فليس المهم فقط أن تصبح مشهورًا بل أن تبقى متوازنًا وأنت تحت الضوء دون أن تبهرك الأضواء أو تحرقك حرارتها 

كاتب و إعلامي

 

سويعد محمد موسى الصبحي

كاتب رأي وإعلامي رياضي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
الذهاب إلى الواتساب
1
م حبا أنا سكرتير رئيس التحرير
مرحبًا أنا سكرتير رئيس التحرير وأنا هنا لمساعدتك.