كُتاب الرأي

السيكولوجية المالية

السيكولوجية المالية

حقيقة  المال للإنسان أنه  نعمة عظيمة وكبيرة ومصدر من مصادر  القوة في حياته ! وحتى بعد وفاته كذلك !   والحياة الدنيا تحتاج إلى هذا التيار الكهربائي المالي يسري  في النفوس والأيدي ! و الذي تشتعل به الأضواء والأنوار   وتحيا   فيه الأرواح والنفوس وتتحفز به  عجلة الحياة الدنيا للدوران والحركة إلى الأمام دائما وابداً…

وللمال بوابة كبيرة مباركة يرضاها الله تعالى أن يدخل من خلالها إلى الإنسان ! وهي بوابة الحلال والحلال فقط !  من الميراث أو العمل الشريف أو البيع  والشراء  أو المهن  أو الحرف  أو الخدمة تقدم لأصحابها ، وبهذا تكون في رضوان الله تعالى باختيار البوابة التي يرضاها الله تعالى ويحبها للناس جميعاً في وصول المال  الحلال إلى  أيدي الناس  ! وكذلك  للمساعدة الصحيحة في الفعل  والتحريك لحياة الناس جميعاً في دنيا الناس  في رحلة الحياة الدنيا الجميلة…

ووجود المال في أيدي الناس ليس هو الغاية في ذاته ! وليس هو المقصود  في الحياة الدنيا ! وإنما هو الوسيلة الطبيعية السليمة لتوفير الحياة الكريمة والتوفير لجميع الاحتياجات المعيشية والضرورية والحياتية كالمآكل والمشارب والمساكن والمراكب والمصاريف اليومية..

وكذلك في دورانه بين أيدي الناس تتحرك وتتسارع عجلة  الحياة !  ويتعاون ويتعارف الناس !  ويكون ذلك هو الطريق إلى التعارف  بينهم وكذلك  إعمارة الأرض الجميلة الطيبة  ! وهو الغاية الثانية التي خلق من أجلها البشر جميعاً وهي فرع من عبادة وتوحيد الله تبارك وتعالى.

ولكي يصل الإنسان المسلم إلى الدرجة العالية في معرفة أهمية المال ودوره في تصريف الحياة الدنيا، ودوره كذلك في النهضة والرقي بالإنسان ، ودوره في إعمار الأرض وصناعتها صناعة فارهة وجميلة يحتاج إلى تظافر الجهود في التربية على هذا !  في الأسر الكريمة والعوائل الحبيبة والمدرسة والمسجد ودور الإعلام والثقافة والجامعة .

هؤلاء هم الذين يرسمون خارطة طريق خارطة  الإدارة المالية عبر الزمن ! أو عبر  عمر الإنسان  ! وهم الذين يرفعون من قيمة المال والوعي به ، أو يخفضون ذلك ، بعدم أهمية المال أو أهمية اكتسابه وحسن إدارته.

ويمكن  تصنيف الناس  في إدارتهم لأموالهم  إلى أصناف :  منهم الحريص الكانز البخيل  به ؛ ومنهم الحريص المنفق المتزن في الصرف والإنفاق ، ومنهم الحريص المسرف  المبذر التالف للاموالهم ؛ ومنهم ومنهم ! هكذا  هم الناس …!

هناك خطوات أو مراحل تصل بالإنسان إلى حسن إدارة الحياة المالية أو السيكولوجية. المالية السليمة :

الخطوة الأولى : المال نعمة عظيمة وكبيرة من الله تعالى :
المال في حقيقته عطاء سخي من الله تعالى الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر، فقد وضعه في أيدي الناس لغاية يريدها منهم أن يقوموا بها وأن يسعوا من خلاله أن يغرسوها وأن يتعاونوا عليها .

الخطوة الثانية : المال وسيلة رفيعة لغاية سامية :
فالغاية من جريان المال بين أيدي الناس هو التكافل الإجتماعي والقيام بتوفير احتياجاتهم وضرورياتهم والنهوض نحو بناء جسور التواصل والتعارف وتعمير الأرض ، وجعلها جنة من الجنان .

الخطوة الثالثة: المال في حقيقته ابتلاء واختبار :
فمن حرم المال فعليه أن يسعى إلى تحصيله عبر الوسائل والطرق الحلال ويحسن في إدارته له ؛ ومن رزق منه الكثير فعليه أن يعرف حق الله تعالى فيه ثم حق نفسه ثم حق من يعول ويقوت ثم حقوق الآخرين من المحتاجين والفقراء والمساكين .

الخطوة الرابعة : السعي الحثيث  في تحصيل المال :
الأرزاق والآجال قرائن ؛ فالآجال مقرونة بالأرزاق، فمن كان له رزق في أرض فلن يموت حتى يحصل رزقه ، لذلك على الكيس الفطن أن يسعى في طلب الرزق من المال كمال يطلب الشرف والرفعة لنفسه وولده .

الخطوة الخامسة : حسن إدارة المالية :
الكيس الفطن اللبيب من الناس من يحدد ويعرف مصادر دخله المالي والنفقات التي يصرف فيها المال ويحسن إحكام الإدخار  والعناية بصندوق الطوارئ .

الخطوة السادسة : تحسين وتطوير الدخل :
وهذه من الخطوات المستمرة عند الشاب المسلم وخصوصاً في بدايات حياته العملية أو الزوجية والأسرية ، عليه القيام بهذا حتى يتجاوز الأربعين .
ومن ذلك زيادة وتحسين الدخل المالي ؛ ويكون بالعمل الدؤوب والمثابرة والاجتهاد والإقبال على فرص التحسين والتطوير ، والمغامرات المدروسة ، ثم ترشيد النفقات والمصروفات المتغيرة والتحكم في الرغبات والشهوات التي تقضي على الأموال .

الخطوة السابعة : ميزانية الأسرة السعيدة :

لا بد من جلوس الأسرة الكريمة والعائلة الحبيبة مع بعضها للتعرف على مقادير الدخل الشهري وكذلك الإتفاق على النفقات والمصروفات والإلتزام بالمحافظة على القوة المالية للأسرة دون تضرر ودون عبث
السعي كأسر وعوائل على حسن إدارة المال في اليوم والأسبوع والشهر والعام .

الخطوة الثامنة : التثقيف المستمر :
إن خوض التجارب الحياتية المختلفة والمتباينة ، والمشاركة في المناشط المختلفة في العمل وفي مؤسسات المجتمع المدني يكسب الإنسان الخبرات والتجارب المفيدة ويزيد من وعيه المالي والحياتي والإنساني .

الخطوة التاسعة : الرضا والقناعة :
وهنا على المسلم بعد أن بذل كل الأسباب في الحصول على المال عليه بعد أن يرضى ويقنع بما وهبه الله تعالى وبما وفقه وأعانه عليه ، وبما منحه من المال والرزق الحلال .

الخطوة العاشرة : الدعاء بالبركة والتوفيق :
وهذه عبادة وقربة عظيمة يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى؛ فالدعاء ببركة المال أمر عظيم النفع والفائدة في الدنيا والآخرة.

المصلح والمستشار الأسري
د. سالم بن رزيق بن عوض.

د. سالم بن رزيق بن عوض

أديب وكاتب رأي وشاعر ومصلح ومستشار أسري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى