كُتاب الرأي

(السنوار ونتنياهو )

اللواء/ محمد سعد الربيعي

تعد قضية فلسطين القضية الأولى المعقدة في العالم ، والتي لم تجد الحلول المناسبة لإعتبارات ومسوغات كثيرة وكبيرة ، البعض منها نتيجة تحيز أمريكا والدول الأوربية لليهود بشكل عام ، والبعض الآخر للصهيونية التي تسيطر وتتحكم بالعالم بشكل خاص ، وبالتالي هي من تتحكم في حل القضية الفلسطينية التي استعصت على الحلول منذ عام 1948م.

بالطبع فرَّط الفلسطينيون بفرص كبيرة على إمتداد النزاع الفلسطيني الإسرائيلي منذ مبادرة الرئيس التونسي بورقيبه مروراً بمبادرة أنور السادات ، ومبادرة الملك فهد رحمه الله ، وكذلك الملك عبدالله طيب الله ثراه ، وآخرها مبادرة ولي العهد يحفظه الله الأمير محمد بن سلمان ، وهي ربما تكون ثالثة الأثافي كما يقال !؟ في الرفض الفلسطيني لحل قضيتهم .

تخلل هذا الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لاءات كثيرة ، ولعل أشهرها اللاءات الثلاث التي انطلقت من الخرطوم عام 1967 م في إحدى القمم العربية ، والتي عرفت ب ( لا سلام مع اسرائيل ، ولا مفاوضات مع اسرائيل ، ولا إعتراف بإسرائيل ).

على مر النزاع الفلسطيني الإسرائيلي ساوم العديد من الدول في العالم ، بما في ذلك بعض الدول العربية والإسلامية على القضية الفلسطينية ، ولعبوا على أوتارها ، وركبوا ظهرها من أجل الحصول على استحقاقات سياسية وشخصية ، وكذلك كان هناك مواقف خيانة وطعن من الظهر ، وكان للأسف من بين من ركب على حدب هذه القضية شخصيات وقيادات سياسية فلسطينية ومارسوا الخيانة ، مثلهم مثل بعض رؤساء الدول العربية الذين راهنوا على وجودهم في السلطة مقابل بقاء القضية الفلسطينية معلقة وبدون حلول ، في ظل قضم الأراضي الفلسطينية من قبل العدو الإسرائيلي طوال أعوام النزاع حتى أن أصبحت فلسطين أشلاء مقسمة بين غزة والضفة الغربية .

ما أود التعريج عليه هنا هو وجود هاتين الشخصيتين الشوفونيتين ( السنوار -نتنياهو ) في ظل هذه الحرب التي قضت على الأخضر واليابس في إقليم غزة ، وإصرار كل منهما على تحقيق رؤيته التي لن تقوم إلا على ركام من جماجم سكان غزة ، وإبادتهم من أجل الوصول لهدف أي منهما ، وهو مايحدث الآن في غياب الرؤية الفلسطينية في كيفية الخروج من هذا المأزق الكبير الذي ورطتهم فيه طهران وحرسها الثوري ونزعتها العدوانية ضد العرب والإسلام والمسلمين ، ويتوازى مع ذلك غياب السنوار الذي يمثل قيادة حماس ، وكأنه المهدي المنتظر لدى الشيعة الذين يرون فيه إخراجهم من غياهب الظلم والفساد إلى بيادر الحرية والكرامة المفقودة لديهم ، هذا هو السنوار الذي تورط بداية في شن حرب غير متكافئة ومحسوبة ، وثانياً هو إتفاقه مع إيران لشن تلك الحرب التي أصبحت بمثابة كتابة نهاية حياته في أنفاق غزة دون تدخل إيراني رافضي لإنقاذه ( السنوار ) من حبل المشنقة، وهو من يصر على مواصلة هذه الحرب الخاسرة نتيجة أحقاد تلم به من خلال شخصيته الشوفينية المريضة على اليهود ، والفلسطينيين أيضاً .

يقف في الجانب الآخر نتنياهو ، وهو رجل لديه كل الخلفية الكاملة عن النزاع الفلسطيني الإسرائيلي ، وكذلك اتفاقيات أوسلو حيث كان يعمل كرجل ثانٍ في خارجية بلاده ، وهو يزدري تلك الإتفاقية ولايعترف بها ، كما يعد من الذين عاشوا في أمريكا ولديه الخلفية في كيفية التأثير على الرأي العام هناك وفي أوروبا مجتمعتين ، ولديه القدرة أيضاً لممارسة الضغط على قيادات هذه البلدان السياسية من خلال الدولة العميقة والصهيونية العالمية .

ناهيك عن كل ذلك فلدى الرجل خلفية عن الوضع الفلسطيني البائس ،ولديه معترك كبير فيه من خلال تداوله على السلطة في إسرئيل بين حزب الليكود الذي يقوده وحزب العمل ، وكلاهما عملة إسرائيلية ذات وجه واحد.
إن مايحدث الآن في إسرائيل من مظاهرات ومعارضة سياسية يقودها وزير الدفاع الإسرائيلي غولانت ماهي إلا تبادل أدوار بين نتنياهو الذي يُتهم بالفساد هو وزوجته ، وتلك المعارضة التي وجدت مايحقق رؤيتها مع الرؤية الليكودية المتطرفة في طمس القضية الفلسطينية والقضاء عليها ، وعلى أن تبقى تلك المعارضة في شوارع تل أبيب لذر الرماد في العيون للعالم كله ، في ممارسة لإضفاء الشرعية لما يحدث الآن في غزة من قتل وتدمير وتشريد بكل ماتحمله هذه المعاني ، في ظل وضع غريب يحدث من حركة حماس في تجهيل الشعب الفلسطيني لما يحدث وقتله تحت سكاكين العدو الإسرائيلي ، وغياب سلطة عباس التي توسعت شقوقها ، وأصبح من الصعوبة بمكان رتق تلك الشقوق المتمثلة في الوهن العام للسلطة وخشيتها من التدخل في غزة وبالتالي تفقد مركزيتها في الضفة.
الخلاصة ..

حماس تسير بقيادة السنوار للمجهول ، وقد فقدت بوصلتها نتيجة إغتيال هنية ، وضياع مشعل وموسى مرزوق ، وتحييدهم من السنوار ، وإدراكهم للكمين الذي أوقعتهم فيه إيران ، وتشتت الرؤية بين حماس والسلطة ، وإنقطاع التنسيق بينهم ، ومايحدث الآن من محاولات إيجاد مخرج وطريق آمن للسنوار هو سيناريو لهلاكه ووصول يد إسرائيل له سواء خرج أم بقي في أنفاق غزة ، وستكون النهاية وخيمة ومن يتحكم الآن في خيوطها هو نتنياهو الذي يمارس سلطته تحت عينك ي تاجر كما يقال حيث رفض كل مبادرات بايدن ، واختط هو مبادراته العدوانية للقضاء على السنوار ومن معه في الأنفاق حتى الأسرى أو المختطفين الإسرائيليين الذين لم يعدوا يمثلوا اهتماماً لنتنياهو وحكومته ، وفي النهاية المأساوية سينتصر نتنياهو ، ويحقق كل أهدافه في قتل وتدمير غزة وإعادة إحتلالها ، وربما يمتد للضفة وطرد عباس منها .

كاتب رأي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى