السلام مع النفس

ربما يعيش بعض الأفراد منا في معارك وتنافس وصراعات كبيرة لا نهاية لها ولا طائل يرجى من ورائها من جهة ! مع أنفس وأغلى وأثمن ما يملك على ظهر الوجود ! على كوكب الأرض الجميل ألا وهي نفسه التي بين جنبيه من جهة أخرى ! وقد يلتفت لما تحت قدميه أو ما يعمم رأسه من السحاب والضباب ولا يلتفت إلى نفسه الزمن الطويل. وربما لا يشعر أو يحس بوجودها ! فضلا عن فهم واستيعاب المطلوب منه أصلا تجاهها !
ترى الرجل الخصوم يحارب الذباب على أرنبة أنفه ويحار فيه الناس ويفري بلسانه الناس فرياً منكراً ! ومع ذلك لا يدع لنفسه من نفسه نفسا ويزهد في منحها ولو اليسير من الإهتمام !
ترى الرجل الآخر أو المرأة الطيبة الجميلة الأخرى التي تخدم الناس ، وربما قدم الناس أو قدمت الناس على نفسها ! وترى أن ذلك حق لهم ! وأن الناس اولاً وثانياً ! وهو أو وهي بعد ذلك في الترتيب!
إننا أمام نماذج من الناس وفئام من البشرية سمّاعون متحدثون تلهث ألسنتهم منذ بزوغ الفجر إلى أفول الشمس في كل الاهتمامات ! وفي كل المشارب والمآرب ! بيد أنهم في ذهول ! في ذهول حقيقي عن حقيقة ما يملكون ويكنزون ، من حقيقة وطبيعة أنفسهم وذواتهم !
عندما تشاهد وتسمع المرء من ذكر وأنثى لا شغل ولا عمل له إلا ماذا قال الناس؟ ! وماذا فعل الناس؟ وأين الناس الآن؟ وماذا كسبوا وربحوا؟ ومن كانت عليه الخسارة اليوم ؟ وما مقدار ما لديهم من أموال ؟ وما يملكون من حصاد الدنيا؟ وأين وصلوا أولئك؟ وفلان فلان خير منه؟.
وهكذا تسمع وتشاهد المشاهد والمسامع التي يندى لها الجبين وتسخط رب العالمين ! ولا ترضي سيد الخلق أجمعين صلى الله عليه وسلم.
لذا كانت من توجيهات سيد الخلق وحبيب الحق صلى الله عليه وسلم قوله : المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمؤمن من أمنه الناس والمهاجر من هجر ما حرم الله تعالى.
ويقول صلى الله عليه وسلم : المؤمن ليس باللعان ولا الطعان ولا الفاحش ولا البذي.
الإنسان الحقيقي هو من أظهر كامل السلامة مع نفسه التي بين جنبيه وعرف نفاستها وقداستها وطهرها وأظهر إهتماماً كبيراً بها وأحبها حباً كبيراً وعظيماً واشتغل بها دون سواها ! وألجمها عن مساوئ وأخطاء الناس ، وألزمها بنفسها هي !.
إن معرفة النفس على حقيقتها وطبيعتها هو الكنز الضائع عند كثير من الناس ! والتي لا تحب معرفة أسرار هذا الكنز العظيم ؟ ولا بذل الجهود الطيبة في سبيل غذاءها ودواءها ؟! ولا ما تحب تلك النفس ولا ما تكره ؟ وكيف يمكن زيادة ما تحبه النفس ؟ وماذا تملك تلك النفس ؟ وكيف يمكن وصفها؟ وما آمالها وأحلامها؟ وما التحديات التي تواجهها بصورة دورية؟ وكيف يمكن التغلب والانتصار عليها؟
السلام مع النفس قد يكون :
بمعرفتها وقبولها ، والإهتمام والعناية بها ، والحرص كل الحرص على تحقيق ذاتها ، والتطلع إلى الترقي بها ! وصرفها عن الإنشغال بغيرها !
ومعالجة القصور والتحديات والعقبات التي تواجهها ! ومحبتها وإعطاؤها مكانتها التي تستحقها ! وأن تعرف أنها أثمن وأغلى وأقدس ، وما تملك من الوجود ! وهي هدية الله تعالى الغالية والهبة الفريدة ، وأن تعيش السلام معها.
ومن صور السلام مع النفس البشرية السليمة والجميلة :
أولاً : أن تعتقد وتؤمن أنها عظيمة وكريمة ونفيسة وغالية وطاهرة .
ثانياً: أن تؤمن أنها هبة الواهب والوهاب العظيم ، ومنحة كريمة منه وهدية عزيزة .
ثالثاً: أن تحب نفسك ، وأن تهتم بنفسك ، وأن تكرم نفسك ، وتعظم نفسك ، وأن تمدح نفسك ، وأن تثني على نفسك ، وأن تحفز وتشجع نفسك ، وأن ترفع نفسك ، وأن تتحدث معها في الخير والفضل والصلاح والبركة والتوفيق والسداد.
رابعاً: أن تفرق بين نفسك العظيمة وبين السلوكيات التي تقع منها سلباً أم إيجاباً ، خطأً أم صواباً ، معصية أم طاعة ، جهلاً أم علماً .
خامساً : جميع السلوكيات والتصرفات والأقوال والأفعال الصادرة عن النفس مقيدة بالخير والشر وبما هو يرضي الله تعالى وما يغصبه لذلك
تضبط النفس على الطاعة والخير والصلاح والهداية .
سادساً: صلاح الإنسان بصلاح نفسه ، وصلاح نفسه بصلاح نيته وسلوكه وتصرفاته وتعامله وأقواله وأفعاله مع الأهل والأولاد والأقارب والأرحام والزملاء والآخرين من الناس.
سابعاً: النفوس البشرية والأرواح الآدميّة كلها محترمة مقدّرة عظيمة وكبيرة في أصلها ونباتها ، مهما اختلفت وتعددت الأجناس والألوان والأعراق تبقى النفوس البشرية مكرمة مقدّرة.
ثامناً: اختلاف النفوس البشرية فيما وهبها الله تعالى من الملكات والمواهب والقدرات والطاقات وما كلفها به من المهام والأعباء والمسؤوليات والأدوار المنوطة بها .
تاسعاً: لذلك الدنيا على طولها وعرضها هي ميدان ومضمار سباق كبير وعريض ، والنفوس والعقول والقلوب البشرية السليمة تخوض فيه
وتسعى وتبذل وتقاتل من أجل رضا الله تعالى.
عاشراً : السلام مع النفس هو الإحسان إليها والإحسان إلى من تعول من الأهل والأولاد والأقارب والأرحام ، والإحسان إلى الحياة الدنيا الجميلة بإعمارها والإحسان إلى الله تعالى ، وهو السعادة الحقيقية .
المصلح والمستشار الأسري
د. سالم بن رزيق بن عوض.
مقال صحفي أقرب ما يكون للمحاضرة القيِّمة في المحتوى العلمي بما فيه من توجيهات رائعة تؤكد عُمق الكاتب في فكرته وجمال طرحه وسلاسة الأسلوب التربوي بمقاييس علم النفس بُوركت الفكرة وطاب صباحك دكتور سالم رزيق فهذه الأطروحات تجد إهتماما من قبل القراء ولاسيما المهتمين بالجوانب التربوية والاجتماعية وفقكم الله.
السلام عليكم ورحمة وبركاته
صبحكم الله تعالى استاذنا الغالي أبا معنز
بالخيرات والبركات والمسرات والفل والكاذي والياسمين
اولاً: شكرا لكم على مروركم العاطر الجميل على المقال.
ثانياً: أنتم ما شاء الله تبارك الله مدرسة تربوية إعلامية
صحفية يتعلم الجميع منكم .
ثالثاً: جميع مقالاتكم هادفة ومميزة ورائعة.
وفقكم الله تعالى لما يحبه ويرضاه …
ونسعد بإطلالتكم الجميلة المتزنة …
وإلى الأمام دائما وابدا…