السعودية وحرب غزّة : دور محوري صنع التهدئة بصمت الكبار !!
السعودية وحرب غزّة : دور محوري صنع التهدئة بصمت الكبار !!
* عبدالمحسن محمد الحارثي*
من يجهل حجم تأثير الرياض في مسارات الحرب ؛ فليُراجع معلوماته!!
في زمن تتسابق فيه بعض الدول إلى تسويق مواقفها أمام الكاميرات، اختارت المملكة العربية السعودية طريقًا مختلفًا؛ طريق الفعل الهادئ، والتأثير الحقيقي خلف الكواليس، بعيدًا عن الضجيج الإعلامي أو الشعارات الاستهلاكية.
ولعلَّ ما حدث في مسار الحرب على غزة أكبر دليل على ذلك.
السعودية لم تُطلق تصريحات نارية، ولم تزايد على حساب الجراح الفلسطينية، لكنها عملت بثقلها السياسي والدبلوماسي والإنساني لإيقاف الحرب، وتجنّب المنطقة كارثة إقليمية كانت قاب قوسين أو أدنى. والنتائج على الأرض أثبتت أنها كانت الدولة الأكثر تأثيرًا في ضبط إيقاع الأزمة وتوجيه بوصلة الحل نحو التهدئة.
صمتٌ يُصنع منه القرار
تُدرك المملكة أن الهدف من العمل السياسي ليس التصفيق الجماهيري أو مجاراة لحظة الغضب، بل تحقيق نتائج حقيقية تحفظ الأرواح وتمنع الكوارث.
من هذا المنطلق، تحركت القيادة السعودية بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ومتابعة مباشرة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في خطوط دبلوماسية متوازية لضمان التهدئة:
-ضغط مباشر على الدول الفاعلة، لا سيما الولايات المتحدة، من أجل وقف إطلاق النار.
-تنسيق مع مصر وقطر والأردن لضمان تحرّك عربي موحّد.
-تحذير واضح من امتداد الصراع إلى دول الجوار، لا سيما لبنان أو إيران، وهو ما ساهم في تحجيم مساحة الحرب ومنع تفجّر الإقليم.
منع الانفجار الإقليمي
في ظل تهديدات متعددة بانفجار الوضع إقليميًا، كانت الرسالة السعودية حازمة:
“الشرق الأوسط لا يحتمل حربًا جديدة… ولن نقف مكتوفي الأيدي إن أصبحت الشعوب ضحايا لصراعات إقليمية”.
هذه الرسائل لم تكن للاستهلاك الإعلامي ؛ بل عُرفت في الكواليس الدبلوماسية بأنها مواقف حاسمة، سُجلت للسعودية في منع اشتعال ساحات أخرى كانت على شفا الانفجار.
دور إنساني وأخلاقي لا يمكن تجاهله
لم تكتفِ السعودية بالدبلوماسية، بل سارعت منذ اللحظات الأولى لإطلاق حملات إغاثية من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة، ونسّقت مع مصر والأمم المتحدة لإدخال المساعدات الطبية والغذائية إلى غزة، والمساهمة في إجلاء الجرحى والمرضى.
هذا الحضور الإنساني العاجل أكّد أن السعودية لا تنظر إلى القضية من زاوية سياسية فقط، بل من باب إنساني أصيل.
حماية القضية من المزايدات
كان من السهل أن تنضم المملكة إلى جوقة الشعارات وتسجيل المواقف، لكن القيادة السعودية تدرك أن القضية الفلسطينية أكبر من أن تُستخدم لأغراض إعلامية أو سياسية.
لذا، تمسّكت برؤيتها الثابتة:
-حل الدولتين
-إنهاء الاحتلال
-السلام العادل والشامل
وهي رؤية تنطلق من مبادرة السلام العربية التي أطلقتها السعودية في قمة بيروت 2002، وما زالت حتى اليوم حجر الأساس في أي مسار حل واقعي.
حينما يكون الفعل أبلغ من القول
السعودية لم تنتظر “أن يُقال عنها”، بل عملت لتُحدث الفرق فعلاً.
من لا يرى دورها المحوري في مسارات الحرب والتهدئة، ومن لا يدرك أثرها في إبعاد المنطقة عن الحروب، فعليه أن يُراجع ثقافته السياسية ومصادر معلوماته.
فالدبلوماسية السعودية اليوم ليست ردّة فعل، بل صناعة أثر، ومَن يملك البصيرة، يُدرك ذلك جيدًا
كاتب رأي
